بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
القول في تأويل قوله تعالى :
(حم (١) وَالْكِتابِ الْمُبِينِ (٢) إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ) (٣)
(حم وَالْكِتابِ الْمُبِينِ إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ) يعني ليلة القدر التي قدر فيها سبحانه إنزال ذكره الحكيم. وكانت في رمضان. كما قال سبحانه (شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ) [البقرة : ١٨٥] ، قال ابن كثير : ومن قال إنها ليلة النصف من شعبان ، فقد أبعد النجعة. فإن نص القرآن أنها في رمضان. وما روي من الآثار في فضلها ، فمثله لا تعارض به النصوص. هذا على فرض صحتها. وإلا فهي ما بين مرسل وضعيف. والبركة اليمن. ولا ريب أنها كانت أبرك ليلة وأيمنها على العالمين ، بتنزيل ما فيه الحكمة والهدى ، والنجاة من الضلال والردى. قال القاشاني : ووصفها بالمباركة ، لظهور الرحمة والبركة ، والهداية والعدالة في العالم بسببها. وازدياد رتبته صلىاللهعليهوسلم وكماله بها ، كما سماها (ليلة القدر) لأن قدره وكماله إنما ظهر بها (إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ) أي من خالف مقتضى الحكمة وقوة الدلائل ، واختار المذامّ وتذلل للهوى ولم يكتف بهداية الله ، ولم يقت روحه بقوت معارفه ، وذلك لتقوم حجة الله على عباده.
القول في تأويل قوله تعالى :
(فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ) (٤)
(فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ) أي يفصل ويبين كل أمر تقتضيه الحكمة ، على وجه متين محمود عند الكمل تقتات به أرواحهم ، وترحم به نفوسهم. وقوله تعالى :
القول في تأويل قوله تعالى :
(أَمْراً مِنْ عِنْدِنا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ (٥) رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) (٦)
(أَمْراً مِنْ عِنْدِنا) نصب على الاختصاص. أي أعني بهذا الأمر أمرا حاصلا من