أن يحل بكم من العذاب على كفركم بالله ، وتكذيبكم رسله ، ما حلّ بعاد ، وبادروا بالتوبة قبل النقمة.
لطيفة :
قال الشهاب : أفرد السمع في النظم ، وجمع غيره ، لاتحاد المدرك به ، وهو الأصوات ، وتعددت مدركات غيره ، ولأنه في الأصل مصدر ، وأيضا مسموعهم من الرسل متحد.
القول في تأويل قوله تعالى :
(وَلَقَدْ أَهْلَكْنا ما حَوْلَكُمْ مِنَ الْقُرى وَصَرَّفْنَا الْآياتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) (٢٧)
(وَلَقَدْ أَهْلَكْنا ما حَوْلَكُمْ) أي ما حول قريتكم يا أهل مكة (مِنَ الْقُرى) أي كحجر ثمود ، وأرض سدوم ومأرب ونحوها ، فأنذرنا أهلها بالمثلات ، وخربنا ديارها ، فجعلناها خاوية على عروشها (وَصَرَّفْنَا الْآياتِ) أي وعظناهم بأنواع العظات ، وبيّنا لهم ضروبا من الحجج (لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) أي عن الكفر بالله ورسله. قال الطبريّ : وفي الكلام متروك ، ترك ذكره استغناء بدلالة الكلام عليه ، وهو : فأبوا إلا الإقامة على كفرهم ، والتمادي على غيهم ، فأهلكناهم ، فلم ينصرهم منا ناصر.
القول في تأويل قوله تعالى :
(فَلَوْ لا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ قُرْباناً آلِهَةً بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ وَذلِكَ إِفْكُهُمْ وَما كانُوا يَفْتَرُونَ) (٢٨)
(فَلَوْ لا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ قُرْباناً آلِهَةً) أي : فهلا نصر هؤلاء الذين أهلكناهم من الأمم الخالية قبلهم ، أوثانهم التي اتخذوا عبادتها قربانا يتقربون بها ، فيما زعموا ، إلى ربهم إذ جاءهم بأسنا ، فتنقذهم من عذابنا ، إن كانت تشفع لهم عند ربهم ، كما قالوا : (هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللهِ) [يونس : ١٨].
(بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ) أي غابوا عن نصرهم ، وامتنع أن يستمدوا بهم ، امتناع الاستمداد بالضالّ ففي (ضَلُّوا) استعارة تبعية (وَذلِكَ إِفْكُهُمْ) أي ضياع آلهتهم عنهم ، وامتناع نصرهم إثر إفكهم الذي هو اتخاذهم إياها آلهة. (وَما كانُوا يَفْتَرُونَ) أي وإثر افترائهم في أنها شفعاؤهم.