تنبيهات :
الأول ـ روى الإمام مسلم (١) عن علقمة قال : سألت ابن مسعود رضي الله عنه : هل شهد أحد منكم مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم ليلة الجن؟ قال : لا ، ولكنا كنا مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم ذات ليلة ففقدناه ، فالتمسناه في الأودية والشعاب ، فقيل : استطير ، اغتيل! قال : فبتنا بشرّ ليلة بات بها قوم. فلما أصبحنا إذا هو جاء من قبل حراء. قال : فقلنا : يا رسول الله! فقدناك فطلبناك فلم نجدك ، فبتنا بشرّ ليلة بات بها قوم. فقال : أتاني داعي الجن ، فذهبت معهم ، فقرأت عليهم القرآن ، قال : فانطلق بنا ، فأرانا آثارهم.
وروى الإمام أحمد (٢) عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان الجن يستمعون الوحي ، فيسمعون الكلمة ، فيزيدون فيها عشرا. فيكون ما سمعوا حقّا ، وما زادوا باطلا. وكانت النجوم لا يرمى بها قبل ذلك. فلما بعث رسول الله صلىاللهعليهوسلم كان أحدهم لا يأتي مقعده إلا رمي بشهاب يحرق ما أصاب ، فشكوا ذلك إلى إبليس ، فقال : ما هذا إلا من أمر قد حدث. فبثّ جنود ، فإذا بالنبيّ صلىاللهعليهوسلم يصلّي بين جبلي نخلة ، فأتوه فأخبروه ، فقال : هذا الحدث الذي حدث في الأرض. ورواه الترمذي (٣) والنسائي في كتابي التفسير من سننيهما. وهكذا قال الحسن البصريّ : إنه صلىاللهعليهوسلم ما شعر بأمرهم حتى أنزل الله تعالى عليه بخبرهم.
وذكر محمد بن إسحاق عن محمد بن كعب القرظي قصة خروج النبيّ صلىاللهعليهوسلم إلى الطائف ، ودعائه إياهم إلى الله عزوجل ، وإبائهم عليه ، فذكر القصة بطولها ، ثم قال : فلما انصرف عنهم ، بات بنخلة ، فقرأ تلك الليلة من القرآن ، فاستمعته الجن من أهل نصيبين. قال ابن كثير : وهذا صحيح ، ولكن قوله (إن الجن كان استماعهم تلك الليلة) فيه نظر. فإن الجن كان استماعهم في ابتداء الإيحاء ، كما دلّ عليه حديث ابن عباس رضي الله عنهما المذكور. وخروجه صلىاللهعليهوسلم إلى الطائف كان بعد موت عمه ، وذلك قبل الهجرة بسنة أو سنتين ، كما قرره ابن إسحاق وغيره.
وروى ابن أبي شيبة عن ابن مسعود قال : هبطوا على النبيّ صلىاللهعليهوسلم وهو يقرأ القرآن ببطن نخلة ، فلما سمعوه قالوا : أنصتوا ، فأنزل الله عزوجل عليه (وَإِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ
__________________
(١) أخرجه في : الصلاة ، حديث رقم ١٥٠.
(٢) أخرجه في ١ / ٢٧٤ ، والحديث رقم ٢٤٨٢.
(٣) أخرجه الترمذي في : التفسير ، ٧٢ ـ سورة الجن.