بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
القول في تأويل قوله تعالى :
(يا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللهَ وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَالْمُنافِقِينَ إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً) (١)
(يا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللهَ) نودي صلوات الله عليه بوصفه دون اسمه ، تعظيما له. وباب المخاطبة يعدل فيها عن النداء بالاسم تكريما للمخاطب. ولا كذلك باب الأخبار فقد يصرح فيها بالاسم ، والتعظيم باق كآية (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ) [الفتح : ٢٩] ، لتعليم الناس بأنه رسول الله وتلقينهم أن يسموه بذلك ويدعوه به. وأمره عليهالسلام بالتقوى تفخيما وتعظيما للتقوى نفسها ، حيث أمر بها مثله. فإن مراتبها لا تنتهي. مع أن المقصود الدوام والثبات عليها. ولم يجعل الأمر لأمته كما في نظائره ، لأن سياق ما بعده لأمر يخصه. كقصة زيد رضي الله عنه (وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَالْمُنافِقِينَ) أي لا توافقهم على أمر. ولا تقبل لهم رأيا ولا مشورة ، وجانبهم واحترس منهم. فإنهم أعداء الله وأعداء المؤمنين. لا يريدون إلا المضارّة والمضادّة (إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً) أي فهو أحق بأن تتبع أوامره ويطاع ، لأنه العليم بعواقب الأمور وبالمصالح من المفاسد. والحكيم الذي لا يفعل شيئا ، ولا يأمر به ، إلا بداعي الحكمة.
القول في تأويل قوله تعالى :
(وَاتَّبِعْ ما يُوحى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ إِنَّ اللهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً (٢) وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً (٣) ما جَعَلَ اللهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ وَما جَعَلَ أَزْواجَكُمُ اللاَّئِي تُظاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهاتِكُمْ وَما جَعَلَ أَدْعِياءَكُمْ أَبْناءَكُمْ ذلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْواهِكُمْ وَاللهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ) (٤)
(وَاتَّبِعْ ما يُوحى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ) أي في ترك طاعة الكافرين والمنافقين وغير ذلك (إِنَّ اللهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً) أي أسند أمرك