خاصّة ـ حتّى أنّ أحدهم يستوحش لو بُدِّل لفظ مكان لفظ آخر ـ فحاول أن يقضي على هذا الجمود ويعيد صياغة الفقه والاستنباط من جديد بما يراه من موازين وأُصول وقواعد تلائم مصادر التشريع».
وبعد وفاة الشيخ الطوسي في النجف الأشرف حدود عام (٤٦٠ هـ) بقيت آراؤهُ وأفكاره المتجدّدة والمستحدثة موضع العمل والتطبيق لدى الفقهاء الذين جاؤوا بعده ومنهم علماء وفقهاء مدينة الفيحاء ، وكما هو معروف وذكرناه آنفاً من بقاء هؤلاء العلماء على فتاوى الشيخ قدسسره عقوداً من الزمن من دون المساس أو التعرّض لهذه الفتاوى تقديساً وإجلالاً للشيخ الطوسي ، ولمّا كانت مدرسة الحلّة أحد إشراقات وامتدادات مدرسة الشيخ الطوسي ، فقد حاول بعض علمائها كسر الجمود الحاصل على فتاوى الشيخ ، وتمّ ذلك من قبل الشيخ المجتهد محمّـد بن إدريس الحلّي صاحب كتاب السرائر حيث تعرّض لفتاوى الشيخ ، وبالرغم من المعارضة الشديدة من قبل الفقهاء المعاصرين له ـ أي لابن إدريس الحلّي ـ في فعله هذا إلاّ أنّها تعتبر خطوة ذات أهمّية كبيرة في استمرار حيوية ونشاط الفقه الإسلامي ، والذي بدأ يأخذ في مدرسة الحلّة الفقهية خطوات مهمّة وتكميلية لمدرسة الشيخ الطوسي ، والتي كانت من نتائجها بروز كبار الفقهاء وأعاظم المجتهدين ممّن ينتمون إلى مدرسة الحلّة كالشيخ جعفر بن سعيد المعروف بـ : المحقّق الحلّي والشيخ الحسن بن المطهّر المعروف بـ : العلاّمة الحلّي ـ والذين أبدعوا وتفنّنوا في تطوير المناهج الفقهية وعمل البحوث الفقهية العملاقة في مختلف المسائل الشرعية وشمولية تناول هذه البحوث للمسائل الخلافية بين فقهاء المسلمين عموماً ككتاب التذكرة للعلاّمة الحلّي وكتاب المختلف الذي درس فيه المسائل الخلافية بين فقهاء