ثمّ تحدّث الشيخ الآصفي(١) عن ملامح مدرسة الحلّة قائلاً :
«... ومهما يكن من أمر فقد كانت مدرسة الحلّة امتداداً لمدرسة بغداد وتطويراً لمناهجها وأساليبها ، فبالرغم من الفتح الفقهي الكبير الذي قُدِّر لمدرسة بغداد على يد الشيخ الطوسي كانت المدرسة بداية لفتح جديد ومرحلة جديدة الاستنباط لم تخل من بدائية ، فقُدِّر لمدرسة الحلّة ـ نتيجة لممارسة هذا اللون الجديد من التفكير والاستنباط ـ أن تمسح عنها مظاهر البدائية وان تسوَّى من مسالكها وأن توسّع الطريق للسالكين وتمهّدها لهم ، ولئن كان الشيخ الطوسي بلغ قمّة الفكر الفقهي لمدرسة بغداد فقد بلغ العلاّمة الحلّي قمّة الفكر الفقهي لمدرسة الحلّة ، ولولا جهود علماء هذا العصر لظلّت مدرسة بغداد على المستوى الذي خلّفها الشيخ من ورائه ولما قطعت هذه المراحل الطويلة التي قطعتها فيما بعد على أيدي علماء كبار ، أمثال المحقّق والعلاّمة والشهيد وغيرهم».
أقول :
قد ذكر الشيخ محمّـد مهدي الآصفي (دامت بركاته) متابعاً لما سلف من قوله : إنَّ مدرسة الحلّة هي امتداد لمدرسة بغداد التي بلغت قمّة عطائها الفقهي على يد الشيخ الطوسي قدسسره وإنّها ـ أي مدرسة الحلّة ـ قد برزت بعد سقوط بغداد عام (٦٥٦ هـ). وفي حقيقة الحال لابدّ لنا من الإشارة هنا إلى أنّ مدرسة بغداد التي بلغت القمّة في عهد الشيخ الطوسي لم ترتقِ بعد رحيله عنها إلى منزلة علمية أعلى ممّا كانت عليه في عهد الشيخ الذي رحل عنها لاجئاً إلى مدينة النجف الأشرف ، وكلّ من أعقبه من علماء بغداد لم
__________________
(١) الروضة البهية : ٧٥ ، المقدمة.