يصل إلى منزلته العلمية الكبيرة ، ويتبيّن لنا هذا بوضوح عند الاطلاع على طرق الإسناد والإجازات العلمية لرواية الأحاديث والأحكام المعمول بها عند علماء المذهب الشيعي الإمامي ، حيث تمرّ معظم تلك الطرق والأسانيد بالشيخ الطوسي قدسسره ولا نجد لعلماء بغداد الذين جاؤوا بعده أثراً يذكر ، أي أنّ مدرسة بغداد بعد خروج الشيخ الطوسي منها قد خَفَتَ نورها وأفل نجمها ولم تصل بعده إلى ما وصلت إليه في عهده. وإنّ مدرسة الحلّة في حقيقة الحال لم تبرز بعد سقوط بغداد ، بل كان لها آثار واضحة قبل سقوط بغداد نلمسها من خلال ظهور فقهاء كبار قبل سقوطها بعشرات السنين ، منهم على سبيل المثال الشيخ الجليل محمّـد ابن إدريس الحلّي المولود عام (٥٤٣ هـ) والمتوفّى حدود عام (٥٩٨ هـ) ـ أي أنّ وفاته كانت قبل سقوط بغداد عام (٦٥٦ هـ) بحدود (٥٨ عاماً) تقريباً ـ ، ومنهم أيضاً الشيخ الفقيه سديد الدين محمود بن علي الحمصي المتوفّى عام (٥٨٣ هـ) تقريباً ، ومنهم أيضاً السادة الأعلام من آل طاووس الكرام ، وكذلك منهم علم الأعلام وشيخ فقهاء الإسلام في وقته الشيخ جعفر بن سعيد الهذلي المعروف بـ : المحقّق الحلّي المولود عام (٦٠٢ هـ) والمتوفّى عام (٦٧٦ هـ) ـ أي أنّ عطاءه العلمي الكبير كان له أثر واضح قبل سقوط بغدادـ ، وهناك أيضاً العديد من العلماء والفقهاء من مدرسة الحلّة ممّن ترك بصمات واضحة على مشوار الفقه الإسلامي وقبل سقوط بغداد بالتحديد.
وبناءً على هذا الأساس يمكننا القول : إنّ مدرسة الحلّة هي امتداد لمدرسة الشيخ الطوسي قدسسره المتمثّلة في مدرسة النجف الأشرف حاضرة العلم الكبرى ، والله سبحانه العالم.