محمّـد إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ)(١) الآية.
فلمّا قبضه الله إليه وأسكنه لديه ، كان الأمر كما أخبر وأوضح ، فافترقت بعده على تلك كما هو متَّضح ، وقد ارتدّوا على أعقابهم ، وانقلبوا على أدبارهم ، وكان ممّن لم ينقلب بالإجماع عليّ أمير المؤمنين ، حيث ثبتت له العصمة(٢) المانعة له من تلك الأدناس المدلهمّة(٣) ، وكلّ فرقة من هؤلاء تدعي النجاة وهيهات هيهات :
وكلٌّ يدّعي وصلاً بليلى |
|
وليلى لا تقرّ لهم بذاكا(٤) |
فليس الناجون من النار أو الفائزون بدار القرار ، إلاّ من اعتصم بعروة الأطهار وحبل الذريّة الأبرار(٥).
__________________
(١) (وَمَا محمّـد إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ الله شَيْئاً وَسَيَجْزِي الله الشَّاكِرِينَ) آل عمران : ١٤٤.
(٢) العصمة : لغة هي المنع ـ العاصم : المانع ـ اصطلاحاً عرفها الشيخ المفيد بأنّها : لطف يقوله الله تعالى بالمكلّف ، بحيث تمنع منه وقوع المعصية وترك الطاعة ، مع قدرته عليها. وقال أيضاً : العصمة من الله لحججه هي التوفيق واللّطف ، والاعتصام من الحجج بها على الذنوب والغلط في دين الله. ينظر : العصمة ، أدلّتها ، حيقيتها ، سلسلة المعارف الإسلامية ، مركز الرسالة ، الطبعة الأُولى ، ١٤٢٠ ، صفحة ١١ ـ ١٢.
(٣) المدلهمّ الأسود ، والدلهم الليل والظلام : كشف وأسودّ. ينظر ، ابن منظور ، جمال الدين ، لسان العرب ، دار صادر ، بيروت ١٣٧٥ هـ ، ١٣/٢٠٦.
(٤) إنّ هذا الشعر لم تتحقّق نسبته إلى قائل.
(٥) اقتباساً من قوله تعالى : (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرّقوا) آل عمران : ١٠٣.
أخرج الإمام الثعلبي في معنى هذه الآية من تفسيره الكبير بالإسناد إلى أبان بن تغلب عن الإمام جعفر الصادقعليهالسلام قال : «نحن حبل الله الذي قال (واعتصموا بحبل