وَمِنْهُم(١) مَنْ ذهَبَ إلى أنَّهُ مُشْتَقٌّ مِنْ : لاه ، بِمْعنَى : اسْتَتَرَ ، فَهُوَ لاه.
__________________
نشأ من العلم بأنّ أسماءه تعالى لا تدلّ على ذاته بذاته بل إنّما تدلّ عليها مع ملاحظة صفاته ، فلذلك سأل عن اشتقاقها ، والاشتقاق هو كون أحد اللفظين مشاركاً للآخر في المعنى والتركيب ، فيفيد ذلك أنّ الأوّل مأخوذ من الثاني وأنّ الثاني أصله. (الله ممّا هو مشتقّ من إله) بكسر الهمزة على فِعال بمعنى : مفعول ، فلمّا أُدخلت عليه الألف واللام حذفت الهمزة تحقيقاً لكثرته في الكلام ، ولو كانتا عوضاً منها لما اجتمعتا مع المعوّض منه في قولهم : الإله ، وإنّما قطعت الهمزة مع كونها زائدة غير أصلية في النداء ، مثل : يا الله ؛ للزومها تفخيماً لهذا الاسم الشريف ، وقال أبو علي النحوي : الألف واللام عوض منها ، ولهذا قيل : يا ألله ـ بقطع الهمزة ـ ؛ لكونها عوضاً عن الهمزة الأصليّة المحذوفة التي هي همزة قطع ، لكونها جزء كلمة ، وردّ الأوّل بأنّه لا يجوز أن يكون قطعها ؛ لكثرة الاستعمال لأنّ ذلك يوجب أن يقطع الهمزة في غير هذا الاسم ممّا يكثر استعمالهم له ، فعلمنا أنّ ذلك لمعنى اختصّت به ليس في غيرها ولا شيء أولى بذلك المعنى من أن يكون عوضاً من الحرف المحذوف الذي هو الألف. والفرق بين المشتقّ والمشتقّ منه أنّ المشتقّ ـ وهو الله ـ مختصّ بالمعبود بالحقّ لا يطلق على غيره أصلاً ، والمشتقّ منه ـ وهو الإله ـ اسم جنس يقع على كلّ معبود بحقّ أو باطل ، ثمّ غلب على المعبود بالحقّ ، ومع الغلبة يستعمل في المطلق أيضاً ، كما في قولنا : (لا إله إلا الله) ...». إلى أن قال : «وبالجملة : المستفاد من هذا الحديث أنّ الله أصله : إِله على فِعال ، أو فعَل ، بفتح العين أو كسرها ، وأنّه يجري فيه ما يجري في أصله من المعاني المذكورة ، وأنّه صفة كأصله ، وإن صار علماً لذاته المقدّسة كالنّجم للثريّا ، وبذلك يظهر بطلان قول من قال : إنّ اللّه غير مشتقّ من شيء ، وأنّه علَم في الأصل لذاته المخصومة ، لأنّه يوصف ، ولا يوصف به ، ولأنّه لا بدّ له من اسم يجري عليه صفاته ، ولا يصلح لذلك ما يطلق عليه من الأسماء سوى الله ، ولأنّه لو كان وصفاً لم يكن : (لا إله إلا الله) توحيداً ، مثل : (لا إله إلاّ الرحمن) ، فإنّه لا يمنع الشّركة بحسب أصل الوضع الوصفي ..».
(١) قال الطبرسي وقد ذكر القول الثاني لسيبويه ، قال : «إنّ أصله لاه ، ووزنه فَعَل ، فألحق به الألف واللام ، يدلّ عليه قول الأعشى :
كحلفة من أبي رباح |
|
يسمعها لاهه الكبار |