الخَارِجِ ، فَهُوَ اسْتِثْنَاءٌ جُزْئِيٌّ حَقِيْقِيٌّ فِي الخَارِجِ مِنْ مَفْهُوم كُلِّيّ فِي الذِّهْنِ ، فَمَرْجِعُهُ إِلَى اسْتِثْنَاء خَاصّ مِـنْ عَامّ بِاخْتِلافِ الجِهَتَينِ ، وَلَيْسَ فِي مِثْلِ هَذَا اسْتِحَالةٌ ، وَلا لُزُومُ اسْتِثْنَاءِ الشّيء مِنْ نَفْسِهِ ، وَإِنَّمَا يَلْزِمُ ذَلِكَ لَوْ قُصِدَ اسْتِثْنَاءُ مُسَمَّى (الله) [٣٦٥]// فِي الخَارِجِ مِنْ مُسَمَّى المَعْبُودِ بِالحَقِّ فِيْهِ ؛ لأنّ قَضِيَّةَ اتّحَادِهِمَا خَارِجاً حَاكِمَةٌ عِنْدَ إِرَادَةِ هَذَا بِلُزُومِ اسْتِثْنَاءِ الشّيء مِنْ نَفْسِهِ ، لَكِنَّهُ غَيْرُ مَقْصُود ، وإنّمَا المَقْصُودُ اسْتِثَناءُ مُسَمَّى (الله) فِي الخَارِجِ مِنْ مَفْهُومِ المَعْبُودِ بِالحَقِّ فِي الذِّهْنِ ، وَلَيْسَ هُمَا بِمُتَّحِدَينِ ؛ فَمَا ذَكَرَهُ غَيْرُ لازم ، وَهَذَا غَيْرُ خَفِيّ عَلَى العَارِفِ المُنْصِفِ.
وأمّا دَعْوَاهُ أنّ مَا ذَكَرَهُ مَعْنَى كَلامِ الكشّافِ(١) ، فَغَيْرُ مُتّجِه ؛ لأنّ أَقْصَى
__________________
(١) قال الزّمخشري (ت ٥٣٨ هـ) في الكشّاف ١/١٦ : «وأمّا الله بحذف الهمزة فمختصّ بالمعبود بالحقّ لم يطلق على غيره. ومن هذا الاسم اشتق : تألّه وأله واستأله كما قيل استنوق واستحجر في الاشتقاق من الناقة والحجر.
فإن قلت : أاسم هو أم صفة؟.
قلتُ : بل اسم غير صفة. ألا تراك تصفه ولا تصف به لا تقول : شيء إله كما لا تقول : شيء رجل. وتقول : إله واحد صمد كما تقول : رجل كريم خير.
وأيضاً فإنّ صفاته تعالى لا بدّ لها من موصوف تجري عليه فلو جعلتها كلّها صفات بقيت غير جارية على اسم موصوف بها ، وهذا محال. فإن قلت : هل لهذا الاسم اشتقاق؟
قلتُ : معنى الاشتقاق أن تنتظم الصيغتان فصاعداً معنىً واحداً ، وصيغة هذا الاسم وصيغة قولهم : أله إذا تحيّر ومن أخواته : دلّه وعلّه ، ينتظمهما معنى التحيّر والدهشة ، وذلك أنّ الأوهام تتحيّر في معرفة المعبود وتدهش الفطن ؛ ولذلك كثر الضلال ، وفشا الباطل ، وقلّ النظر الصحيح.
فإن قلتَ : هل تفخّم لامه؟
قلتُ : نعم ، قد ذكر الزجّاج أنّ تفخيمها سنة ، وعلى ذلك العرب كُلّهم ، وإطباقهم عليه دليل أنّهم ورثوه كابراً عن كابر».