الأصفهاني ، فبلغ رتبةً ساميةً من العلم أهّلتْهُ للقيام بالأعمال الكبرى ، وبعدَ وفاة أستاذه الخراساني في (١٣٢٩ هـ) شدّ الرحال وهاجر إلى سامراء ، وهناك ـ وفي نفس السنة ـ بدأ بتأليف كتاب الذريعة مع دخوله في حوزة درس المحقّق الفقيه النحرير الإمام المجاهد الشيخ الميرزا محمّـد تقي الشيرازي (ت ١٣٣٧ هـ) وبقي الشيخ الطهراني هناك مدرساً(١) ومحققاً وباحثاً ، واستمرّ في متابعة تأليف الذريعة حتى استنفد جهده في التتبّع والتنقير في مراكز العلم ومخازن الكتب الخاصّة والعامّة في مُدُن العراق ، وفي أسفاره الكثيرة إلى بلاد الشام ومصر والحجاز في الحرمين الشريفين ، وإلى بلاد إيران حيث كنوز المخطوطات المكتظّة بالكتب ، واعتمد على المراسلات والمعلومات الشخصيّة من زملائه وتلامذته ، مع المسح الكامل والواسع لما تيسّر آنذاك من فهارس المكتبات والمخطوطات ، والكتب الخاصّة بهذا الشأن. وعند رجوعه إلى النجف قبل عام (١٣٥٥ هـ) بدأ العمل في طبع الكتاب في مطبعة خاصّة ، فطبع الجزءين الأوّل والثاني سنة (١٣٥٥ هـ) هناك ، وكان لظهور الكتاب دلالته الواضحة على مدى ما بذله من جهدِ وما قام به من تتبّع واسع ومثابرة مع التحقيق والضبط والتأكّد من المعلومات وتوثيقها. وكذلك الحال مع ظهور الجزء (الثالث عشر والرابع عشر) من الكتاب الذي أشرف على طبعهما المؤلفُ نفسُهُ ثمّ أوعز إلى العلامة الحجّة المحقّق السيّد محمّـد صادق بحر العلوم القيام بإتمامهما فطبعا في النجف على التوالي سنة (١٣٧٨ و١٣٨١ هـ).
فهذه الأجزاء التي طبعت على يد المؤلّف ؛ وبإشرافه المباشر ، هي
__________________
(١) أخبرني المرحوم السيد صادق بن السيد هاشم آل المجدّد الشيرازي أنه حضر عند الشيخ الطهراني كتاب (المطول) للتفتازاني هناك.