إلى أن قال : ـ إنّ القضية الواحدة يمكن أن تدخل في اليقينيات والمقبولات من جهتين فيمكن اعتبارها في البرهان والجدل باعتبارين. (١)
ولم نقف على كلام لغيرهما يدعم كون التحسين والتقبيح أمراً بديهياً ، ويرفض كونهما من المشهورات المحضة.
كلام المحقّق الاصفهاني :
إنّ المحقّق الاصفهاني تأثّر بكلام الشيخ الرئيس فقد بسط الكلام في تشييد مقاصده وقال : إنّ وصف الفعل بالحسن والقبح يكون لأجل أحد أمرين :
١ ـ إذا أساء إنسان إلى غيره فانّه بمقتضى ورود ما ينافره عليه وتألّمه منه ، ينقدح في نفسه الداعي إلى الانتقام منه والتشفّي من الغيظ الحاصل لسببه ، بذمّه وعقوبته فالسببية للذم هنا واقعية وسلسلة العلل والمعلولات مترتبة واقعاً.
٢ ـ فيما إذا كان الغرض من الحكم بالمدح والذم حفظ النظام وبقاء النوع بلحاظ اشتمال العدل والإحسان على المصلحة العامة ، والظلم والعدوان على المفسدة العامة فتلك المصلحة العامة تدعو إلى الحكم بمدح فاعل ما يشتمل عليها ، وتلك المفسدة تدعو إلى الحكم بذمّ فاعل ما يشتمل عليها فيكون هذا التحسين والتقبيح من العقلاء موجباً لانحفاظ النظام ورادعاً عن الاخلال به.
ما يناسب الحكم العقلائي الذي تصح نسبته إلى الشارع بما هو رئيس العقلاء هو القسم الثاني دون الأوّل الذي لا يناسب الشارع بل لا يناسب العقلاء بما هم عقلاء وهو الذي يصح التعبير عنه بالتأديبيات الصلاحية. (٢)
يلاحظ عليه : أنّ حصر ملاك التحسين والتقبيح العقليين بالأمرين غير تام
__________________
(١) شرح الأسماء الحسنى : ١٠٧ ـ ١٠٨.
(٢) نهاية الدراية : ٢ / ١٢٥.