في الملازمة بين حكمي العقل والشرع
اشتهر بين الأُصوليين أنّ ما حكم به العقل ، حكم به الشرع ـ خلافاً للأخباريين ـ ويعبّر عنه بقاعدة الملازمة بين حكمي العقل والشرع ، وبما أنّ للقاعدة ثمرات كلامية وأُصولية وفقهية ، قد أدينا حق الكلام فيها. وقبل الخوض في المقصود نبحث في أُمور :
الأمر الأوّل : في تعريف الدليل العقلي :
عرِّف الدليل العقلي : ما يمكن التوصّل بصحيح النظر فيه إلى حكم شرعي.
ولا يذهب عليك أنّ الدليل العقلي أوسع ممّا عرّف به ، فإنّ البراهين الكلامية أو الفلسفية أو الرياضية التي تقام على أُمور عقلية بحتة كحدوث العالم ، وحاجة الممكن إلى الواجب ، أو مساواة زوايا المثلث مع زاويتين قائمتين ، كلّها حجج عقلية ، ومع ذلك لا يدخل في التعريف. وما ذاك إلّا لأنّ الأُصولي يطلب من التعريف ما يناسب هدفه ومرماه ، فهو لا يطلب من الدليل العقلي إلّا الوصول إلى الأحكام الشرعيّة ، لا إلى مسائل تكوينيّة أو رياضية وهندسية ، فلأجل ذلك اختصّ الدليل العقلي عنده بما يوصله إلى الحكم الشرعي.