والقضايا المشهورة ليس لها واقع وراء تطابق الآراء أي إنّ واقعها ذلك ... الخ. (١)
وبعد الإحاطة بما ذكرناه تقدر على القضاء بين الكلمات.
* * *
أدلّة القائلين بالتحسين والتقبيح العقليين :
قد تعرفت على محلّ النزاع وكما تعرفت على ملاك التحسين والتقبيح ، وقلنا : إنّ القائل بهما في غنى عن إقامة البرهان لكونهما من الأحكام الضرورية في الحكمة العملية ، ومع ذلك يناسب أن نشير إلى أدلّة القوم من المثبت والنافي فنقول :
استدل المثبت بوجوه :
الأوّل : ما أشار إليه المحقّق الطوسي بقوله : «ولانتفائهما مطلقاً لو ثبتا شرعاً» (٢) أي أنّا لو قلنا بأنّ الحسن والقبح يثبتان من طريق الشرع ، يلزم من ذلك ، عدم ثبوتهما بالشرع أيضاً.
توضيحه : أنّ الحسن والقبح لو كانا بحكم العقل ، بحيث كان العقل مستقلاً في إدراك حسن الصدق وقبح الكذب ، فلا اشكال في أنّ ما أمر به الشارع يكون حسناً وما نهى عنه يكون قبيحاً ، لحكم العقل بأنّ الكذب قبيح والشارع لا يرتكب القبيح ، ولا يتصور في حقّه ارتكابه.
وأمّا لو لم يستقل العقل بذلك ، فلو أمر الشارع بشيء أو نهى عنه أو أخبر بحسن الصدق وقبح الكذب فلا يحسن لنا الجزم بكونه صادقاً في كلامه حتى
__________________
(١) أُصول الفقه : ١ / ٣٣٥.
(٢) كشف المراد : ١٨٦.