ذلك ، قال : بموالاتهم من قتل الأنبياء. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : (وَأَنَّ اللهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) قال : ما أنا بمعذب من لم يجترم. وأخرج ابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس في قوله : (حَتَّى يَأْتِيَنا بِقُرْبانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ) قال : يتصدّق الرجل منا ، فإذا تقبل منه أنزلت عليه النار من السماء فأكلته. وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله : (الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ عَهِدَ إِلَيْنا) قال : كذبوا على الله. وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : (بِالْبَيِّناتِ) قال الحلال والحرام (وَالزُّبُرِ) قال : كتب الأنبياء (وَالْكِتابِ الْمُنِيرِ) قال : هو القرآن.
(كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّما تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فازَ وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلاَّ مَتاعُ الْغُرُورِ (١٨٥) لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذىً كَثِيراً وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (١٨٦) وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَراءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ ما يَشْتَرُونَ (١٨٧) لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِما أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِما لَمْ يَفْعَلُوا فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفازَةٍ مِنَ الْعَذابِ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (١٨٨) وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٨٩))
قوله : (ذائِقَةُ) من الذوق ، ومنه قول أمية بن أبي الصلت :
من لم يمت عبطة (١) يمت هرما |
|
الموت كأس والمرء ذائقها |
وهذه الآية تتضمن الوعد والوعيد للمصدق والمكذب بعد إخباره عن الباخلين القائلين : (إِنَّ اللهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِياءُ). وقرأ الأعمش ، ويحيى بن وثاب ، وابن أبي إسحاق : (ذائِقَةُ الْمَوْتِ) بالتنوين ونصب الموت. وقرأ الجهور بالإضافة. قوله : (إِنَّما تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ) أجر المؤمن : الثواب ، وأجر الكافر : العقاب ، أي : أن توفية الأجور وتكميلها إنما تكون في ذلك اليوم ، وما يقع من الأجور في الدنيا أو في البرزخ فإنما هو بعض الأجور. والزحزحة : التنحية ، والإبعاد : تكرير الزح وهو الجذب بعجلة ، قاله في الكشاف ، وقد سبق الكلام عليه ، أي : فمن بعد عن النار يومئذ ونحي فقد فاز ، أي ظفر بما يريد ونجا مما يخاف ، وهذا هو الفوز الحقيقي الذي لا فوز يقاربه ، فإن كل فوز وإن كان بجميع المطالب دون الجنة ليس بشيء بالنسبة إليها. اللهم لا فوز إلا فوز الآخرة ، ولا عيش إلا عيشها ، ولا نعيم إلا نعيمها ، فاغفر ذنوبنا ، واستر عيوبنا ، وارض عنا رضا لا سخط بعده ، واجمع لنا بين الرضا منك علينا والجنة. والمتاع : ما يتمتع به الإنسان وينتفع به ثم يزول ولا يبقى ، كذا قال أكثر المفسرين. الغرور : الشيطان يغرّ الناس بالأماني الباطلة
__________________
(١). «مات عبطة» : أي شابا صحيحا.