رسول الله ، على معناها الصحيح الصادق ، لم تنفعه هذه الشهادة عند ظهور البعثة المحمدية ، وعليه إذا أدرك زمانها أن يقول : أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، فالأديان كلها لاغية وباطلة ، سواء كانت صحيحة أو فاسدة عند ظهور الدعوة المحمدية. هذا ما تعطيه الآية على ما قدمنا من كلام أئمة التفسير ، إذن فهى ضد ما قال الكاتب ، وضد دعواه ، وهى عليه لا له.
وقفة مع آية :
بقى قوله : وقد تكررت هذه الآية فى القرآن بنصها ومعناها أكثر من مرة ، حتى أصبحت بمثابة قاعدة أساسية من قواعد الدين الإسلامى ، حتى لقد جعل منها تشريعا قائما عند ما أباح للمسلم أن يتزوج بكتابية على غير دينه ، وأن تبقى على دينها.
نقول : أما عن تكرار آية فى القرآن بنصها ومعناها أكثر من مرة ، فنحن نطالبه بالدليل على ذلك ، ولا يكلفه الدليل أكثر من أن يتصفح المصحف الشريف سوره وآياته ، حتى يأتى لنا بمواضع التكرار التى قالها وادعاها ، وسوف لا يجد بعد أن يتقصى القرآن كله أوّله وآخره ، ووسطه وطرفيه ، ما يثبت له هذا الذى قاله ، ولا ذلك الذى ادعاه.
فمقتضى كلامه أن الآية كررت ثلاث مرات على الأقل ، إذا راعينا المعنى الموضوع للعبارة ، أما إذا راعينا المعنى العرفى لهذا التعبير ، فالمعنى أن الآية كررت مرات ومرات. والحقيقة والواقع أن هذه الآية الكريمة بالنص السابق الذى ذكرناه قبل قد ذكرت فى سورة البقرة ، وذكرت أيضا فى سورة المائدة ، ونصها فى سورة المائدة هو هذا : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصارى مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صالِحاً فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) [المائدة : ٦٩] ، ونرى فى هذه مع سابقتها اختلافا فى موضعين :
أولا : قال : (وَالصَّابِئُونَ) بالرفع وهناك : (وَالصَّابِئِينَ) بالنصب.
ثانيا : قال هنا : (فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) [المائدة : ٦٩] ، وقال هناك : (فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) [البقرة : ٦٢] ، وعبارة الكاتب تفيد أن التكرار كان بنص الأولى ، وهذا غير الواقع المحسوس كما بينا ، يعنى أن الآية الكريمة ذكرت مرتين فى القرآن الكريم فقط دون ما زيادة على ذلك ، أما توجيه