القرآن الكريم ، فقال : (وَلَقَدْ وَصَّلْنا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ وَإِذا يُتْلى عَلَيْهِمْ قالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ أُولئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِما صَبَرُوا وَيَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ) [القصص : ٥١ ـ ٥٤].
فالمؤمنون من أهل الكتاب الذين يكافئهم الله تعالى ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون ، هم الذين يقيمون التوراة والإنجيل والقرآن ، ولا يكفرون بأحدها ، هذا مع العلم بأنها جميعا تفرض الإيمان برسالة محمد الكريم. قال تعالى : (عَذابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِنا يُؤْمِنُونَ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ ...) [الأعراف : ١٥٦ ، ١٥٧] الآية. أ. ه.
ونرجع إلى الكاتب أحمد حسين ، فنراه يقول فى صفحة (١٨٠) بعد أن ذكر الآية الكريمة ، وهى : (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) [الزلزلة : ٧ ، ٨] استشهادا على مذهبه ما نصه : وتطبيقا لذلك ، فإن أهل الكتاب كالمسلمين سواء بسواء ، من يفعل منهم مثقال ذرة من الخير ، فإن الله يثيبه عليه ، وما يفعله من شر فإن الله يجازيه عليه ، واقرءوا إن شئتم : (مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ أُمَّةٌ قائِمَةٌ يَتْلُونَ آياتِ اللهِ آناءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَأُولئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ وَما يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ وَاللهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ) [آل عمران : ١١٣ ـ ١١٥].
نقول : إن آية (وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ ...) [الزلزلة : ٧] إلخ ، لا تنطبق على أهل الكتاب إطلاقا ؛ لأنهم كافرون بالقرآن وبرسالة محمد صلىاللهعليهوسلم ، وشرط العمل الصالح كما قدمنا الإيمان بجميع الكتب المنزلة والرسل جميعا ، خص الكاتب هنا أهل الكتاب بالذكر بعد أن جعلهم فيما مضى ضمن أهل الأديان كلها ، وأن الكل ناجون ، مستشهدا على هذا بآية : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالنَّصارى) [البقرة : ٦٢] على ما مر بيانه. واستشهد هنا بآية كريمة أخرى على دعواه حسبما نقلناه عنه آنفا.
ونحن بعون الله تعالى ننقض القول فى بيان وإيضاح ، فنقول زيادة على ما تقدم فى أول البحث : إن الله تعالى قد خاطب أهل الكتاب بالإيمان بالقرآن ، وتوعدهم على تركه