الله ولم يأذن به أو شرعه ، ولكن فعله الإنسان بأجر يأخذه من أخيه الإنسان ، فثوابه هو ذلك الأجر ، ولا ثواب له عند الله ، وإذا لم يكن للقراءة ثواب عند الله لا للقارئ ؛ لأنه أخذ أجره ممن استأجره ، ولا للمستاجر ؛ لأنه لم يقرأ شيئا ، فأى شىء يصل من هذه القراءة إلى الموتى؟ إن رحمة الله للموتى شأن من شئونه الغيبية استأثر بها ، ومنه وحده تعرف سبلها ، وقد بين تلك السبل فى كتابه الكريم ، وكل ما يفعله المرء من تلقاء نفسه فى هذا الشأن هجوم منه على الغيب وتقول على الله بغير علم ، وتحكم فيما لا يحكم فيه إلا الله.
التسول بالقرآن : وإذا كان التسول بالوضع الذى نراه اليوم يمقته فى ذاته الشرع والدين ، وتأباه الكرامة والخلق ، ولا ترضاه لنفسها أمة تريد المجد ، فما بالنا به إذا اتخذ القرآن الكريم وسيلة له ، واعتراض به المارة فى الطرقات ، والمصلين فى المساجد ، والراكبين فى السيارات والقطارات. علينا أن نبذل قصارى جهدنا فى صيانة كتاب الله عن الابتذال ، وأن نوجه الناس إلى جهة الانتفاع بالقرآن الكريم ، وإلى ما يحفظ كرامتنا بين الأمم عن طريق الأسباب التى وضعها سبيلا للمجد والكرامة.
فضل بعض السور : أما ما جاء عن فضل سور القرآن وتلاوتها ، من درجات الثواب التى يحصل عليها قارئ هذه السورة أو تلك ، مما رددته بعض كتب التفاسير ، فالواقع أنى فى قراءتى لهذه التفاسير انتهيت إلى أن ما جاء فى ذلك من أحاديث إنما قصد به التناسب بينها وبين ما احتوت عليه هذه السورة أو السور ، واعترانى شك من جهة أن سور القرآن البالغ عددها (١١٤) سورة ، كان الرسول صلىاللهعليهوسلم يتحدث عن كل سورة منها بما يناسبها ، والذى نعلمه أن الرسول ما كان يرتب الثواب على مجرد القراءة ، وإنما كان يرتبه على الإيمان والعمل الصالح.
والمسألة ليست مسألة مجرد قراءة فحسب ، ولعلك تدرى الحكمة القائلة : كم من قارئ يقرأ القرآن والقرآن يلعنه. وقد دفعنى ما وقعت فيه من شك أن أبحث عن أصل الأحاديث ، فوجدت أنها ترجع إلى أصل واحد ، وأن الذى تحث بها وتكلم بها رجل يسمى نوح ابن مريم ، وقد سئل فى هذا ، فقال : إنى وجدت الناس قد شغلوا بتاريخ ابن إسحاق ، وفقه أبى حنيفة عن القرآن ، فأحببت أن ألفتهم إلى القرآن ، فوضعت هذه الأحاديث ، حسبة لله.
الرّقية دعاء لا دواء : أما الرقى بالأدعية ، فإنها تفسر على نوع من الدعاء ، ولكنها لا تقبل على أنها دواء للمريض من الداء ، فللأدواء علاجها مما خلق الله من العقاقير.