قوانين صادقة من الحياة فى ماضيها وحاضرها ، حياة لا تقوم على جهالة وجاهلين ، إنما على علم بأسرارها ، وحذق بأمورها المختلفة ، سياسيا ، واقتصاديا ، وعسكريا ، ودينيا ، وتربويا ، والاستعانة بكل هذه الخبرات لإدارة شئون الحياة ، وللنجاح فى تسلم زمامها.
أما إذا تدخلت الأهواء ، وتحكمت النزوات فى الاختيار ، وتغلبت الأغراض الخاصة على العامة ، فهو أمر مؤذن بانتهاء الحياة ، وعلامة من علامات الساعة ، حينما يسند الأمر إلى غير أهله ، فتضيع الأمانات.
وأمثله ذلك كثيرة فى الحياة والمجتمع ، فأولئك الذين يتصدون للفتيا دون سند من دليل أو علم بشريعة ، أو فقه لقانون ، وأولئك الذين يتصدرون واجهات الحياة الاقتصادية والمالية ، أو يقودون الأمة إلى معاركها العديدة فى الحرب ، والسياسة ، والتخطيط ، والتربية ، والتعليم ، دون بصر بالحياة ، واستعداد لمجابهة أزماتها بما تستحقه من أسلحة مناسبة من علم ، ومعرفة ، وإخلاص فى العمل ، وشجاعة فى تحمل المسئوليات ، إنما يسيئون إلى أنفسهم وإلى دينهم ، ومجتمعهم ، ووطنهم بأعمالهم هذه التى تهدم ولا تبنى.
ومن الأمور التى تحقق النجاح المنشود ، أن يستعد المرء لكل ما يقع فى الحياة من أمور حسنة أو سيئة ، يتلقاها ويحسن فهمها ووضع نتائجها موضع التنفيذ فى مكانها اللائق بها ، حتى لا يؤخذ على غرة ، فيجلب على نفسه هزات تؤثر فى تفكيره ، وتقضى على نشاط جسمه وعقله ، وقد تفضى به إلى عثرات فى طريق حياته ، واضطراب فى تفكيره ، وما يصدق على الفرد يصدق على الجماعة ، والمجتمع ، والدولة.
والمثل العربى :
٧ ـ قبل الرماء تملأ الكنائن :
فالاستعداد واجب لملاقاة كل أمر صعب ، وكم تعرضنا لكثير من ألوان المحن والأزمات فى معيشتنا التى لم نحسن التخطيط لها ، فما نعانيه من ازدياد عدد ، وتضخم سكان ، وكثرة ديون من قبل من يتحكم فى رقابنا ، ويمنع عنا ما نحتاج إليه من غذاء ، وسلاح ، ومال ، إنما يرجع إلى أننا لم نضع كل هذه الأمور موضع حساباتنا وتقديرنا ، فكان من ورائها ما نلاقى من متاعب وآلام.