و (غُلْباً) جمع أغلب وغلباء ، كحمر فى أحمر وحمراء ، والمراد بساتين كثيرة الشجر غلاظه ، (وَفاكِهَةً) وهى ما تأكله الناس من ثمار الأشجار ، كالتين والخوخ ، فهو من عطف العام على الخاص ، إذا قلنا : إنه معطوف على قوله : (عِنَباً) ، وأما إذا عطف على (حَدائِقَ) كما هو المتبادر ، فهو عطف خاص على عام.
وقوله تعالى : (وَأَبًّا) [عبس : ٣١] مأخوذ من أبه إذا أمه ، أى قصده ؛ لأنه يؤب ، أى يؤم ، أو من أب لكذا ، إذا تهيأ له ؛ لأنه متهيأ للرعى. وفى المصباح : الأبّ المرعى الذى لم يزرعه الناس مما تأكله الدواب والأنعام.
وقوله تعالى : (مَتاعاً لَكُمْ وَلِأَنْعامِكُمْ) [عبس : ٣٢] متاعا مفعول لأجله أو مطلق ، والعامل فيه محذوف وتقديره فعل ذلك متاعا لكم أو متعكم كذلك تمتيعا ، والمعنى تتمتعون به أنتم وأنعامكم ، فابن آدم فى السبعة المذكورة ، والأنعام فى الأب ، وخصصت الأنعام بالذكر لكثرة الانتفاع بها ، وإلا فغير الأنعام تنتفع بما تنتفع به الأنعام.
٢ ـ قال تعالى فى سورة النبأ : (وَأَنْزَلْنا مِنَ الْمُعْصِراتِ ماءً ثَجَّاجاً لِنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا وَنَباتاً وَجَنَّاتٍ أَلْفافاً) [النبأ : ١٤ ـ ١٦] ، ونرى فى هذه الآى سوق المعنى فى إيجاز بليغ ، وأسلوب بديع ، شأن القرآن الكريم فى تكرير المعنى على صور شتى من البلاغة الخارقة ، والإعجاز المنقطع النظير.
قوله سبحانه : (وَأَنْزَلْنا مِنَ الْمُعْصِراتِ ماءً ثَجَّاجاً) ، المعصرات هى السحائب الماطرة ، وهو مأخوذ من العصر ؛ لأن السحاب ينعصر فيخرج منه الماء ، والعاصر لهذه السحب هو الريح ، ومعنى الثجاج السريع الاندفاع ، كما يندفع الدم من العروق فى الذبيحة ، ومنه قول النبى صلىاللهعليهوسلم وقد قيل له : ما أفضل الحج؟ فقال : «العج والثج» ، أراد بالعج التضرع إلى الله تعالى بالدعاء الجهير ، وبالثج ذبح الهدى.
قوله تعالى : (لِنُخْرِجَ بِهِ) ، أى الماء ، (حَبًّا) ، أى نجما (١) ذا حب مما يتقوّت به ، كالحنطة ، والشعير ، والأرز ، (وَنَباتاً) ، أى ما يعتلف به كالتبن ، والحشائش ، كما قال تعالى : (كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعامَكُمْ) [طه : ٥٤].
(وَجَنَّاتٍ) ، أى بساتين تجمع أنواع الشجر والنبات ، (أَلْفافاً) ، أى ملتفة الأغصان والأوراق ، جمع لفيف ، كشريف وأشراف.
__________________
(١) النجم من النبات : ما ليس له ساق.