تحتاجون إليه من موعظة حسنة لإصلاح أخلاقكم وأعمالكم الظاهرة ، وحكمة بالغة لإصلاح خفايا أنفسكم وشفاء أمراضها الباطنية ، وهداية واضحة للصراط المستقيم الموصل إلى سعادة الدنيا والآخرة ، ورحمة خاصة للمؤمنين يتراحمون بها فيما بينهم. فمن هذا التفسير نعرف أن الآية خاصة بالأحياء ، وليس للموتى نصيب فيها.
ثم نرد أن نسأل هؤلاء : هل الآيات التى تأمرنا بتأدية الصلاة والزكاة والصوم ، وتشرح لنا أصول مناسك الحج تنفع الميت بشيء؟ هل الآيات التى تبين لنا أحكام الوصية عند الموت ، والتى تبين لنا المباحات والمحرمات من النساء فى الزواج ، والتى تبين لنا أحكام الطلاق تفيد الميت بشيء؟ هل الآيات التى تتحدث عن عاقبة المفسدين والمنحرفين عن سبيل الله تفيد الميت بشيء؟
هل الآيات التى تبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات بالجنة ، وتبين مكانهم من نعيم الله ، تفيد الميت بشيء؟ هل الآيات التى تخبرنا بقصص أقوام نوح ، وعاد ، وثمود ، وكفار قريش ، وهلاك أولئك الأقوام ، وجاءت تحذرنا من اتباع سبل الانحراف والغواية التى سلكها هؤلاء الأقوام حتى استحقوا غضب الله ولعنته مثلهم ، هل هذه الآيات تنفع الميت بشيء؟ هل الآيات التى تأمرنا بالإصلاح والتعاون والتآخى ، وتحثنا على الصبر والجهاد فى سبيل الله تنفع الميت بشيء؟
بالطبع كل هذه الآيات وما حملت إلينا من معان وأحكام وعظات وإنذار لا تنفع الميت بشيء ، ولو كتبت بماء الذهب على صحائف من ذهب وعلقت على قبر الميت.
معنى سورة الفاتحة : وسورة الفاتحة شأنها شأن سور القرآن ، لا تنفع الميت بشيء ، وإلى القارئ الدليل على هذا من كتب السنة :
روى مسلم ، عن أبى هريرة ، رضى الله عنه ، أن النبى صلىاللهعليهوسلم ، قال : «من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم الكتاب فصلاته خداج ، خداج ، خداج ، غير تام» ، فقيل لأبى هريرة : إنما نكون وراء الإمام ، فقال : اقرأ بها فى نفسك ، فإنى سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «قال الله تعالى : قسمت الصلاة بينى وبين عبدى نصفين ، ولعبدى ما سأل ، فإذا قال العبد : (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) ، قال الله تعالى : حمدنى عبدى ، وإذا قال : (الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) ، قال تعالى : أثنى علىّ عبدى ، وإذا قال : (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) ، قال الله تعالى : مجدنى عبدى ، وإذا قال : (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) ، قال الله تعالى : هذه بينى وبين عبدى ، ولعبدى ما سأل ...» إلخ الحديث.