يكفرون داخل تحت الإنكار التوبيخي إنكارا منه سبحانه عليهم حيث يعبدون الأصنام ، وهي لا تنفع ولا تضرّ ، ولهذا قال : (ما لا يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقاً مِنَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ شَيْئاً) قال الأخفش : إن شيئا بدل من الرزق. وقال الفراء : هو منصوب بإيقاع الرزق عليه ، فجعل رزقا مصدرا عاملا في شيئا ، والأخفش جعله اسما للرزق ؛ وقيل : يجوز أن يكون تأكيدا لقوله : (لا يَمْلِكُ) أي : لا يملك شيئا من الملك ، والمعنى : أن هؤلاء الكفار يعبدون معبودات لا تملك لهم رزقا أيّ رزق ، ومن السموات والأرض صفة لرزق ، أي : كائنا منهما ، والضمير في (وَلا يَسْتَطِيعُونَ) راجع إلى ما ، وجمع جمع العقلاء بناء على زعمهم الباطل ، والفائدة في نفي الاستطاعة عنهم أن من لا يملك شيئا قد يكون موصوفا باستطاعة التملك بطريق من الطرق ، فبيّن سبحانه أنها لا تملك ولا تستطيع ؛ وقيل : يجوز أن يكون الضمير في يستطيعون للكفار : أي لا يستطيع هؤلاء الكفار مع كونهم أحياء متصرّفين ، فكيف بالجمادات التي لا حياة لها ولا تستطيع التصرّف؟ ثم نهاهم سبحانه عن أن يشبهوه بخلقه ، فقال : (فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثالَ) فإن ضارب المثل يشبه حالا بحال وقصة بقصة. قال الزجاج : لا تجعلوا لله مثلا لأنه واحد لا مثل له ، وكانوا يقولون : إن إله العالم أجلّ من أن يعبده الواحد منا ، فكانوا يتوسلون إلى الأصنام والكواكب ، كما أن أصاغر الناس يخدمون أكابر حضرة الملك ، وأولئك الأكابر يخدمون الملك فنهوا عن ذلك ، وعلل النهي بقوله : (إِنَّ اللهَ) عليم (يَعْلَمُ) ما عليكم من العبادة (وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) ما في عبادتها من سوء العاقبة ، والتعرّض لعذاب الله سبحانه ، أو أنتم لا تعلمون بشيء من ذلك ، وفعلكم هذا هو عن توهم فاسد وخاطر باطل وخيال مختلّ ، ويجوز أن يراد فلا تضربوا لله الأمثال إن الله يعلم كيف تضرب الأمثال وأنتم لا تعلمون ذلك.
وقد أخرج ابن جرير عن عليّ في قوله : (وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ) قال : خمس وسبعون سنة. وأخرج ابن أبي حاتم عن السدّي قال : هو الخرف. وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عكرمة قال : من قرأ القرآن لم يردّ إلى أرذل العمر ، ثم قرأ (لِكَيْ لا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئاً). وأخرج ابن أبي شيبة عن طاوس قال : العالم لا يخرف. وقد ثبت عنه صلىاللهعليهوسلم في الصحيح وغيره أنه كان يتعوّذ بالله أن يردّ إلى أرذل العمر. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : (وَاللهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ) قال : لم يكونوا ليشركوا عبيدهم في أموالهم ونسائهم فكيف يشركون عبيدي معي في سلطاني. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في الآية قال : هذا مثل لآلهة الباطل مع الله. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : (وَاللهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً) قال : خلق آدم ، ثم خلق زوجته منه. وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور ، والبخاري في تاريخه ، وابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني ، والحاكم وصحّحه ، والبيهقي في سننه ، عن ابن مسعود في قوله : (بَنِينَ وَحَفَدَةً) قال : الحفدة الأختان. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : الحفدة الأصهار. وأخرجا عنه قال : الحفدة الولد وولد الولد. وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضا قال : الحفدة بنو البنين. وأخرج ابن جرير عن أبي جمرة قال : سئل ابن عباس عن قوله : (بَنِينَ وَحَفَدَةً) قال : من أعابك فقد