سورة طه
قال القرطبي : مكية في قول الجميع. وأخرج النحّاس وابن مردويه عن ابن عباس قال : نزلت سورة طه بمكة. وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير مثله. وأخرج الدارمي ، وابن خزيمة في التوحيد ، والعقيلي في الضعفاء ، والطبراني في الأوسط ، وابن عديّ وابن مردويه ، والبيهقي في الشعب ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إن الله تبارك وتعالى قرأ طه ويس قبل أن يخلق السّموات والأرض بألفي عام ، فلما سمعت الملائكة القرآن قالت : طوبى لأمة ينزل عليها هذا ، وطوبى لأجواف تحمل هذا ، وطوبى لألسنة تكلمت بهذا». قال ابن خزيمة بعد إخراجه : حديث غريب ، وفيه نكارة ، وإبراهيم بن مهاجر وشيخه تكلّم فيهما ، يعني إبراهيم بن مهاجر بن مسمار وشيخه عمر بن حفص بن ذكوان ، وهما من رجال إسناده. وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «أعطيت السورة التي ذكرت فيها الأنعام من الذكر الأوّل ، وأعطيت سورة طه والطواسين من ألواح موسى ، وأعطيت فواتح القرآن وخواتيم البقرة من تحت العرش ، وأعطيت المفصّل نافلة». وأخرج ابن مردويه عن أبي أمامة عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «كل قرآن يوضع عن أهل الجنة فلا يقرءون منه شيئا إلا سورة طه ويس ، فإنهم يقرءون بهما في الجنة». وأخرج الدارقطني في سننه عن أنس بن مالك ؛ فذكر قصة عمر بن الخطاب مع أخته وخبّاب وقراءتهما طه ، وكان ذلك بسبب إسلام عمر ، والقصّة مشهورة في كتب السير.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(طه (١) ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى (٢) إِلاَّ تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشى (٣) تَنْزِيلاً مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّماواتِ الْعُلى (٤) الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى (٥) لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَما تَحْتَ الثَّرى (٦) وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفى (٧) اللهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى (٨) وَهَلْ أَتاكَ حَدِيثُ مُوسى (٩) إِذْ رَأى ناراً فَقالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ ناراً لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْها بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدىً (١٠) فَلَمَّا أَتاها نُودِيَ يا مُوسى (١١) إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً (١٢) وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِما يُوحى (١٣) إِنَّنِي أَنَا اللهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي (١٤) إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكادُ أُخْفِيها لِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما تَسْعى (١٥) فَلا يَصُدَّنَّكَ عَنْها مَنْ لا يُؤْمِنُ بِها وَاتَّبَعَ هَواهُ فَتَرْدى (١٦))
قوله : (طه) قرأ بإمالة الهاء وفتح الطاء أبو عمرو وابن أبي إسحاق ، وأمالهما جميعا أبو بكر وحمزة والكسائي والأعمش. وقرأهما أبو جعفر وشيبة ونافع بين اللفظين ، واختار هذه القراءة أبو عبيد. وقرأ الباقون بالتفخيم. قال الثعلبي : وهي كلّها لغات صحيحة فصيحة. وقال النحّاس : لا وجه للإمالة عند أكثر أهل