بالكسر ، وهما لغتان. وقال أبو عبيدة : صنوان : جمع صنو ، وهو أن يكون الأصل واحد ، ثم يتفرع فيصير نخيلا ، ثم يحمل ، وهذا قول جميع أهل اللغة والتفسير. قال ابن الأعرابي : الصنو : المثل ، ومنه قوله صلىاللهعليهوسلم : «عمّ الرجل صنو أبيه» ، فمعنى الآية على هذا : أن أشجار النخيل قد تكون متماثلة وقد لا تكون. قال في الكشاف : والصنوان : جمع صنو ، وهي النخلة لها رأسان وأصلها واحد ، وقيل : الصنوان : المجتمع. وغير الصنوان : المتفرّق. قال النحّاس : وهو كذلك في اللغة ، يقال للنخلة إذا كانت فيها نخلة أخرى أو أكثر : صنوان ، والصنو : المثل ، ولا فرق بين التثنية والجمع إلا بكسر النون في المثنى ، وبما يقتضيه الإعراب في الجمع : (يُسْقى بِماءٍ واحِدٍ) قرأ عاصم وابن عامر : يسقى بالتحتية ، أي : يسقى ذلك كله. وقرأ الباقون بالفوقية بإرجاع الضمير إلى جنات. واختاره أبو حاتم وأبو عبيد وأبو عمرو ، قال أبو عمرو : التأنيث أحسن لقوله : (وَنُفَضِّلُ بَعْضَها عَلى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ) ولم يقل بعضه. وقرأ حمزة والكسائي «يفضل» بالتحتية كما في قوله : (يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآياتِ) ، وقرأ الباقون بالنون على تقدير : ونحن نفضل.
وفي هذا من الدلالة على بديع صنعه وعظيم قدرته ما لا يخفى على من له عقل ؛ فإنّ القطع المتجاورة والجنات المتلاصقة المشتملة على أنواع النبات مع كونها تسقى بماء واحد ، وتتفاضل الثمرات في الأكل ، فيكون طعم بعضها حلوا والآخر حامضا ، وهذا في غاية الجودة ، وهذا ليس بجيد ، وهذا فائق في حسنه ، وهذا غير فائق ، ممّا يقنع من تفكر واعتبر ونظر نظر العقلاء ؛ أن السبب المقتضي لاختلافها ليس إلا قدرة الصانع الحكيم جلّ سلطانه وتعالى شأنه ، لأن تأثير الاختلاف فيما يخرج منها ويحصل من ثمراتها لا يكون في نظر العقلاء إلا لسببين : إما اختلاف المكان الذي هو المنبت ، أو اختلاف الماء الذي تسقى به ، فإذا كان المكان متجاورا ؛ وقطع الأرض متلاصقة ، والماء الذي تسقى به واحدا ، لم يبق سبب للاختلاف في نظر العقل إلا تلك القدرة الباهرة والصنع العجيب ، ولهذا قال الله سبحانه : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) أي يعملون على قضية العقل وما يوجبه ، غير مهملين لما يقتضيه من التفكر في المخلوقات والاعتبار في العبر الموجودات.
وقد أخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله : (المر) قال : أنا الله أرى. وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن مجاهد (المر) فواتح يفتتح بها كلامه. وأخرج ابن جرير وابن المنذر عنه في قوله : (تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ) قال : التوراة والإنجيل (وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُ) قال : القرآن. وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن قتادة نحوه. وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في قوله : (رَفَعَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها) قال : وما يدريك لعلها بعمد لا ترونها. وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وأبو الشيخ عنه في الآية قال : يقول لها عمد ولكن لا ترونها ؛ يعني الأعماد. وأخرج ابن جرير عن إياس بن معاوية في الآية قال : السماء مقببة على الأرض مثل القبة. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : السماء على أربعة أملاك ، كل زاوية موكّل بها ملك. وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ في قوله : (لِأَجَلٍ مُسَمًّى) قال الدنيا. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله : (يُدَبِّرُ الْأَمْرَ) قال : يقضيه وحده. وأخرج ابن أبي حاتم عن عبد الله بن عمرو قال : الدنيا مسيرة خمسمائة عام : أربعمائة خراب ، ومائة عمران في أيدي المسلمين