الثاني ذم له إذا اتصف بالأكل بالشمال وقد لا يتصدق به ، وكذلك هذا يلزم أن يكون التشبيه خاصا بقيامهم من المس ، فيقال : لعل لهم حالة أخرى ، لا يقومون بها من المس.
ابن عرفة : واعلم أن القليل وهم القدماء من المعتزلة ينكرون الجن بالأصالة ، وهو كفر لا شك فيه ، فإنه تكذيب للقرآن والحديث ، والمتأخرون منهم يثبتونهم وينكرون الصرع.
قوله تعالى : (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا).
قال الزمخشري : الإشارة للعقاب.
ابن عرفة : أو لأكلهم الربا ؛ لأنه سبب في عقوبتهم ، وسبب السبب سبب ، وهذا قياس تمثيلي ، وذكروا منه قياس السمة ، والتسوية وهو قياس أحرى بمعنى أن الحكم في المقيس عليه ثابتا في الفرع المقيسي فينعكس فيه التشبيه ومثله ابن مالك في المصباح بهذه الآية ، ويقول الشاعر :
كان انقضاء البدر من تحت غيمه |
|
نجاة من الباساء بعد وقوع |
ويقول الآخر :
وكان النجوم بين رجائها |
|
سنن لاح بينهن ابتداع |
فجعل أهل السنة بين المبتدعة بمنزلة النجوم في الظلام ، وقال غيره : أن الاهتداء بالنجوم يحتاج فيه إلى معرفة استدلال ، واتباع أهل السنة لا يحتاج فيه إلى تكليف دليل فكان أحرى.
قوله تعالى : (وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا).
قال الزمخشري : هذا رد على قيامهم.
ابن عرفة : بل هو عندي تخيل لهم ، ويكون النص متقدما فهو قياس في معرض النص فهو فاسد الوضع ، وعلى ما قال الزمخشري : يكون النص غير متقدم.
قوله تعالى : (يَمْحَقُ اللهُ الرِّبا).
ابن عرفة : الأحكام الشرعية منطوية بمصالح الدنيا والآخرة ، فلما تضمن الكلام السابق حصول المصلحة الأخروية بالصدقة ، لقوله تعالى : (فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) والعقوبة في الآخرة ، والظاهر الأول ، وبدأ هنا بالربا