أول سورة آل عمران في قوله تعالى : (وَاللهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقامٍ) وفي سورة غافر : (إِنَّ اللهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ) ونحوه لابن الخطيب في سورة الروم ، في قوله : (فَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ) وخالفهم ابن عطية ، فقال : في سورة الرعد قوله تعالى : (إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلى ظُلْمِهِمْ) أنها دالة على تغلب جانب الخوف على جانب الرجاء ؛ لأن قولك : وذو مغفرة مقتض لتقليل المغفرة.
ابن عرفة : وقال بعضهم قولك : زيد [١٦/٧٧] صاحب مال أبلغ من ذو مال ؛ لأن ذو مال إنما يقتضي مطلق النسبة سواء اتصف به أم لا ، بخلاف قولك : صاحب فإذا بنينا على كلام الجماعة الصحيح ، فإنه قال : (ذُو عُسْرَةٍ) ولم يقل : وإن كان عسرا إشارة لما تقدم في الفقه من أن له دار وخادم ، وفرس ، لا فضل في ثمنهن على ما سواهن يجوز له أخذ الزكاة ، ويسمى فقيرا مع أنه إذا كان عليه دين باع عليه داره وخادمه في دينه ، فليس بمجرد الاعتبار موجبا لأنظاره فناسب إدخال ذو.
قال ابن عطية : وكان هذا عند سيبويه تامة بمعنى وجد ، وحدث ، ومن هنا يظهر أن الأصل الفاء ؛ لأن إدخال أن يدل على أن الاعتبار لم يكن موجودا ، فرده ابن عرفة :
بأن ذلك الدين الذي كان حق عوض يقول فيه الأصل المال ، واستصحاب الحال بقاء ذلك العوض ، وذهابه على خلاف الأصل ، وأما الدين الذي لا عن عوض كنفقة الزوجات والبنين ، ونفقة الأبوين فلأن الأصل فيه إلا ابن عطية حكي المسدوي ، عن بعضهم أن هذه الآية ناسخة لما كان في الجاهلية من بيع من أعسر بدين ، وحكى مكي أن النبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلم أمر به في صدر الإسلام ، ابن عطية ، فإن قلنا :
فعله النبي صلىاللهعليهوسلم أمر به في صدر الإسلام ، ابن عطية فإن قلنا : فهو نسخ وإلا فليس بنسخ.
ابن عرفة : يريد أنه على الأول يكون نسخا لغويا ، وعلى الثاني يكون نسخا في اصطلاح الأصوليين.
ابن عرفة : وهنا أورد القرافي في قواعده سؤالا ، قال : ثواب الواجب أعظم من ثواب المندوب ، مع أن تأخير الغريم بالدين واجب ، والتصدق عليه مندوب فإن منها إذا أبى التصدق به عليه فهو أفضل ، ثم أجاب بأن التصديق به يستلزم التأخير وزيادة.
قوله تعالى : (ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ).