لأن قبلها (فَلْيُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا بِالْآخِرَةِ) فإنه لم يعين منهم ، فيقولون المنافقون نحن هم.
قوله تعالى : (إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطانِ).
ولم يقل : أن كيد أولياء الشيطان مع أنه جعلهم أولياءه والولي هو الناصر ، فهم ينصرون النصير فما المناسب إلا سبب الضعف لا الشيطان ، ثم أجاب : إنه كقول هؤلاء أولياء هذا الملك بمعنى أنهم ينصرون طريقته ويحرمون حرمته فإذا ضعف سلطانه ضعف حرمتهم له.
قوله تعالى : (وَقالُوا رَبَّنا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتالَ).
الصواب عندي أن الضمير في (قالُوا) عائد على الفريق الذين يخشون الناس كخشية الله قالوا هذه المقالة.
قوله تعالى : (إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ).
قال بعضهم : فيها حجة للمعتزلة القائلين : بأن المقتول له أجلان.
ورده ابن عرفة ؛ لأنه لو كان كذلك لمات كل من حضر القتال ؛ لأن بعضهم يموت وبعضهم يعيش.
قوله تعالى : (ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللهِ).
قال ابن عرفة : إن كان الخطاب للنبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلم ، فالصواب أن الأولى موصولة ، والثانية شرطية ؛ لأن الشرط على سبيل الفرض والتقدير فلا تقتضي الوقوع بوجه ، فالنبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلم لم تصبه سيئة ، ابن عطية : وهذه مناقضة لما قبلها ، لأن قبلها (قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللهِ) ، ثم قال هنا : (ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللهِ وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ) ثم أجاب : بأن الأول على سبيل الخلق والاختراع فالله هو الفاعل ..... (١) ، والثانية باعتبار قاعدة الكسب وجواب ثان بأن الأول بالنظر إلى الحقيقة ، والثاني بالنظر الآلي إلى الأمور العاديات ، فإن قلت : لم قال في الأول (قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللهِ) ، وقال هنا : (فَمِنَ اللهِ) ولم يقل : فمن عند الله ، قلنا : لا فالأول يشمل الخبر والنهي بأن اللفظ الأعم وهو عند ، ولما كان الثاني خاصا بالحسنة نسبها إلى الله مباشرة.
__________________
(١) طمس في المخطوطة.