وقوله : (وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ) قال ابن عطية : (وَزَرْعٌ) معطوفة على أعناب ، قال أبو حيان والنخيل صنوان وغير صنوان يتبع من عطفه على أعناب ، قال ابن عرفة : وهذا لا يصح لأنه لا يجوز أن يقول مررت بزيد وعمرو والعاقل ، قال أبو حيان : وإنما يكون حفظا على الجواز ، ورده ابن عرفة ثلاثة أوجه الأول : أن التبعية على الجواز إنما وردت في الخفض ولم نره في الرفع إلا قليلا ، حكى المبرد منها [.....] في شرحه بها ، قال في ميت منها أنه رفع على الجواز. الثاني : أن الخفض على الجواز لا يجوز إلا قليلا وهو مع الواو كل [...] قلت : [...] ابن رشد في المقدمات قوله (وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ) [سورة المائدة : ٢] وقوله : (شُواظٌ مِنْ نارٍ وَنُحاسٌ) [سورة الرحمن : ٣٥] حفظا على الجواب.
قوله تعالى : (أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ).
أي كفروا بحمد الخاصة والعامة وهذا دليل على أن منكر البعث كافر ، ابن عرفة : واشتملت الآية على اللفظ العام والإيهام ثم التفسير لأن قوله : (أُولئِكَ) لا يدل في أعناقهم تفسير للعذاب النازل بهم وهذا من باب ذكر السبب عقب سببه لأن الكفر سبب في غل الأعناق فهلا عطف الفاء المتقضية للسبب والتزامه ، قال والجواب : أن السبب على ثلاثة أنواع ظاهر وخفي ومتوسط وإنما يحتاج إلى الفاء في المتوسط والخفي وأما هذا فظاهر كونه سببا فيما بعده فلا يحتاج في عقد إلى ما بين كونه سببا ، ابن عرفة : والآية عندي من باب القلب والأصل فيها أولئك أعناقهم في الأغلال لأن الأغلال محيطة بأعناقهم كإحاطة الظرف بالمظروف فأعناقهم هي المظروف وقد قالوا إن القلب لا يجوز إلا في العموم ، فإن قيل : في الكلام ، قلت له : قد جعلوا منه مأمن مفاتحه أسوا بالمعصية أولي القوة ، قال : وانظر هل هذا إلا على التوزيع أي كل واحد في عنقه أغلال ، قلت : إن في سورة الحاقة (ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُها سَبْعُونَ ذِراعاً فَاسْلُكُوهُ) [سورة الحاقة : ٣٢] فدل أنه على التوزيع لكل واحد على آخر فأجابه بأن ذلك في رؤسائهم وقد تقوم مقام سلاسل مقدرة في عنق كل واحد من رؤسائهم حتى لا يظهر منه شيء.
قوله تعالى : (أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ).
قال ابن مالك : إن الجملتين إن كانتا متقاربتين عطفتا وإن كانت الثانية مفسرة للأولى لم يحتج إلى حرف العطف ، فقولهم : (هُمْ فِيها خالِدُونَ) تفسير لقوله : (أَصْحابُ النَّارِ) وتأكيد هو في موضع الحال ، وقال ابن رشد : في المقدمات في قوله تعالى : (وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ) [سورة التوبة : ٦١]