ثم ذكر مسارعة المنافقين فى الولاية مع اليهود ، فقال : (وَلا يَحْزُنْكَ) يا محمد ولا يغمك (الَّذِينَ يُسارِعُونَ) يبادرون (فِي الْكُفْرِ) أى مسارعة المنافقين فى الولاية مع اليهود (إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللهَ) لن ينقصوا الله بمسارعتهم فى الولاية مع اليهود (شَيْئاً يُرِيدُ اللهُ) أراد الله فى القدمة ويريد (أَلَّا يَجْعَلَ لَهُمْ) لليهود والمنافقين (حَظًّا) نصيبا (فِي الْآخِرَةِ) فى الجنة (وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ (١٧٦)) شديد أشد ما يكون.
(إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْكُفْرَ بِالْإِيْمانِ) اختاروا الكفر على الإيمان وهم المنافقون واليهود (لَنْ يَضُرُّوا اللهَ) لن ينقصوا الله باختيارهم الكفر (شَيْئاً وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (١٧٧)) وجيع يخلص وجعه إلى قلوبهم ، ثم ذكر إمهاله لهم فى الكفر ، فقال : (وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا) لا يظنن اليهود (أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ) نمهلهم ونعطيهم من الأموال والأولاد (خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ) ونعطيهم من الأموال والأولاد (لِيَزْدادُوا إِثْماً) ذنبا فى الدنيا ودركات فى الآخرة (وَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ (١٧٨)) يهانون به يوما بيوم وساعة بعد ساعة ، ويقال : شديد ، ويقال : نزلت من قوله : (وَلا يَحْزُنْكَ) إلى هاهنا فى مشركى أهل مكة يوم أحد.
ثم ذكر مقالة المشركين لمحمد : أنت تقول لنا منكم كافر ومنكم مؤمن ، فبين لنا يا محمد من يؤمن منا ، ومن لا يؤمن ، فقال : (ما كانَ اللهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ) والكافرين (عَلى ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ) من الدين (حَتَّى) يصير المؤمن كافرا ، والكافر مؤمنا إن كان فى قضائه كذلك (يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ) الشقى من السعيد ، والكافر من المؤمن ، والمنافق من المخلص (وَما كانَ اللهُ لِيُطْلِعَكُمْ) يا أهل مكة (عَلَى الْغَيْبِ) على ذلك حتى تعلموا من يؤمن ومن لا يؤمن (وَلكِنَّ اللهَ يَجْتَبِي) يصطفى (مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشاءُ) يعنى محمدا عليهالسلام ، فيطلعه على بعض ذلك بالوحى (فَآمِنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ) وبجملة الرسل والكتب (وَإِنْ تُؤْمِنُوا) بالله وبجملة الكتب والرسل (وَتَتَّقُوا) الكفر والشرك (فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ (١٧٩)) ثواب وافر فى الجنة.
ثم ذكر بخلهم ، يعنى اليهود والمنافقين بما أعطاهم الله ، فقال : (وَلا يَحْسَبَنَ) لا. يظنن (الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِما آتاهُمُ اللهُ) أعطاهم الله (مِنْ فَضْلِهِ) من المال (هُوَ خَيْراً لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ) سيجعلون (ما بَخِلُوا بِهِ) من المال يعنى الذهب والفضة طوقا من النار فى عنقهم (يَوْمَ الْقِيامَةِ وَلِلَّهِ مِيراثُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) خزائن السموات بالمطر ، والأرض بالنبات ، ويقال : يموت أهل السموات والأرض ويبقى الملك