ثم ذكر منافقى أهل الكتاب ، ويقال : سفلة أهل الكتاب ، فقال : (وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا) يعنى أبا بكر وأصحابه (قالُوا آمَنَّا) بنبيكم وصفته ونعته فى كتابنا ، (وَإِذا خَلا بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ) إذا رجع السفلة إلى رؤسائهم (قالُوا) للسفلة (أَتُحَدِّثُونَهُمْ) أتخبرون محمدا وأصحابه (بِما فَتَحَ اللهُ عَلَيْكُمْ) بما بين الله من صفة محمد ونعته فى كتابكم (عِنْدَ رَبِّكُمْ) من عند ربكم (لِيُحَاجُّوكُمْ) حتى يخاصموكم (بِهِ) مقدم ومؤخر (أَفَلا تَعْقِلُونَ (٧٦)) أفليس فيكم ذهن الإنسانية.
قال الله : (أَوَلا يَعْلَمُونَ) يعنى الرؤساء (أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ) فيما بينهم (وَما يُعْلِنُونَ (٧٧)) لمحمد صلّى الله عليه وأصحابه (وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُونَ الْكِتابَ) لا يحسنون قراءة الكتاب ولا كتابته (إِلَّا أَمانِيَ) إلا أحاديث بلا أصل (وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ (٧٨)) وما يتكلمون إلا بالظن بتلقين رؤسائهم (فَوَيْلٌ) شدة العقاب ، ويقال : واد فى جهنم ، ويقال : بئر (لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ) يغيرون صفة محمد ونعته فى الكتاب (بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هذا) فى الكتاب الذى جاء (مِنْ عِنْدِ اللهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ) بتغييره وكتابته (ثَمَناً قَلِيلاً) عرضا يسيرا من المأكلة والفضول (فَوَيْلٌ لَهُمْ) شدة العذاب لهم (مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ) ألزمهم الله الويل بما كتبت أيديهم (وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ (٧٩)) يصيبون من الحرام والرشوة.
(وَقالُوا) يعنى اليهود (لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ) لن تصيبنا النار (إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً) أربعين يوما التى عبد آباؤنا فيها العجل (قُلْ) يا محمد (أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللهِ عَهْداً) على ما تقولون (فَلَنْ يُخْلِفَ اللهُ عَهْدَهُ) إن كان لكم عند الله (أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ (٨٠)) فى كتابكم (بَلى) رد عليهم (مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً) أى أشرك بالله (وَأَحاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ) أوبقه شركه ، أى مات عليه (فَأُولئِكَ) أهل هذه الصفة (أَصْحابُ النَّارِ) أهل النار (هُمْ فِيها خالِدُونَ (٨١)) دائمون لا يموتون ، ولا يخرجون منها.
ثم ذكر الذين آمنوا فقال : (وَالَّذِينَ آمَنُوا) بمحمد والقرآن (وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) فيما بينهم وبين ربهم (أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (٨٢)) دائمون لا يموتون ، ولا يخرجون منها.