عبد الله بن سلام وأصحابه (وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ (٨٣)) مكذبون تاركون له.
(وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ) فى الكتاب (لا تَسْفِكُونَ دِماءَكُمْ) لا يقتل بعضكم بعضا (١)(وَلا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ) أى بعضكم بعضا (مِنْ دِيارِكُمْ) من منازلكم ، يعنى بنى قريظة والنضير (وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسارى) يعنى أسارى أهل دينكم (تُفادُوهُمْ) من العدو ، مقدم ومؤخر (ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ) ثم قبلتم (وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ (٨٤)) تعلمون ذلك.
(ثُمَّ أَنْتُمْ هؤُلاءِ) يا هؤلاء ، (تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ) بعضكم بعضا (وَتُخْرِجُونَ فَرِيقاً مِنْكُمْ مِنْ دِيارِهِمْ) من منازلهم (تَظاهَرُونَ عَلَيْهِمْ) تعاونون بعضكم بعضا (بِالْإِثْمِ) بالظلم ، (وَالْعُدْوانِ) بالاعتداء (وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْراجُهُمْ) أى إخراجهم وقتلهم محرم عليكم (أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتابِ) أى ببعض ما فى الكتاب تفادون أسراكم من عدوكم (وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ) تتركون أسرى أصحابكم لا تفادونهم ويقال : (أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتابِ) بما تهوى أنفسكم (وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ) بما لا تهوى أنفسكم (فَما جَزاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) إلا عذاب فى الدنيا بالقتل والسبى (وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يُرَدُّونَ) يرجعون (إِلى أَشَدِّ الْعَذابِ) أسفل العذاب (وَمَا اللهُ بِغافِلٍ) بتارك عقوبة (عَمَّا تَعْمَلُونَ (٨٥)) من المعاصى ، ويقال : ما تكتمون.
(أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْحَياةَ الدُّنْيا بِالْآخِرَةِ) اختاروا الدنيا على الآخرة ، والكفر على الإيمان ، (فَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ) لا يهون ولا يرفه ، ويقال : لا يرفع عنهم (الْعَذابُ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ (٨٦)) يمتنعون من عذاب الله ، (وَلَقَدْ آتَيْنا) أعطينا (مُوسَى الْكِتابَ) التوراة (وَقَفَّيْنا) اتبعنا وأوقفنا (مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآتَيْنا) أعطينا (عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّناتِ) الأمر والنهى والعجائب والعلامات (وَأَيَّدْناهُ) قويناه وأعناه ، (بِرُوحِ الْقُدُسِ) بجبريل (أَفَكُلَّما جاءَكُمْ) يا معشر
__________________
(١) أى لا يسفك بعضكم دم بعض ، وكانت قريظة حلفاء الأوس ، والنضير حلفاء الخزرج ، وكانوا يقاتلون مع حلفائهم ، فإذا أسر رجل من الفريقين جمعوا له حتى يفدوه ، فتعيرهم العرب ، وتقول : كيف تقاتلونهم ، وتفدونهم؟ فيقولون : أمرنا أن نفديهم ، وحرم علينا قتلهم ، فتقول العرب : فلم تقاتلونهم؟ فيقولون : نستحى أن يستذل حلفاؤنا. انظر : معانى الزجاج (١ / ١٤٠) ، والطبرى (١ / ٣١٤) ، وابن كثير (١ / ١٢٠) ، وزاد المسير لابن الجوزى (١ / ١٠٤).