اليهود (رَسُولٌ بِما لا تَهْوى أَنْفُسُكُمُ) بما لا يوافق قلوبكم ودينكم (اسْتَكْبَرْتُمْ) تعظمتم عن الإيمان به ، (فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ) يقول : كذبتم فريقا محمدا ، وعيسى صلى الله عليهما ، (وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ (٨٧)) وفريقا قتلتم يحيى وزكريا ، عليهماالسلام.
(وَقالُوا) يعنى اليهود (قُلُوبُنا غُلْفٌ) من قولك يا محمد ، أى قلوبنا أوعية لكل علم وهى لا تع كلامك ، (بَلْ) رد عليهم (لَعَنَهُمُ اللهُ) طبع الله على قلوبهم (بِكُفْرِهِمْ) لجحودهم بمحمد والقرآن عقوبة لكفرهم (فَقَلِيلاً ما يُؤْمِنُونَ (٨٨)) ما يؤمنون قليلا ولا كثيرا ، ويقال : لا يؤمنون بقليل ولا كثير ، (وَلَمَّا جاءَهُمْ كِتابٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ) موافق لما معهم من الكتاب بالتوحيد وصفة محمد ونعته ، وبعض الشرائع كفروا به ، (وَكانُوا مِنْ قَبْلُ) من قبل محمد والقرآن (يَسْتَفْتِحُونَ) يستنصرون بمحمد (عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا) من عدوهم أسد ، وغطفان ، ومزينة ، وجهينة ، (فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا) صفته ونعته فى كتابهم (كَفَرُوا بِهِ) جحدوا (فَلَعْنَةُ اللهِ) سخطة الله وعذاب الله (عَلَى الْكافِرِينَ (٨٩)) على اليهود.
(بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ) باعوا به ، (أَنْ يَكْفُرُوا بِما أَنْزَلَ اللهُ) من الكتاب والرسول (بَغْياً) حسدا (أَنْ يُنَزِّلَ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ) بأن نزل الله جبريل من فضله بفضله الكتاب والنبوة (عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ) يعنى محمدا (فَباؤُ بِغَضَبٍ عَلى غَضَبٍ) فاستوجبوا بلعنة على إثر لعنة (١) ، (وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ مُهِينٌ (٩٠)) يهانون به ، ويقال : شديد.
(وَإِذا قِيلَ لَهُمْ) يعنى اليهود (آمِنُوا بِما أَنْزَلَ اللهُ) يعنى القرآن (قالُوا نُؤْمِنُ بِما أُنْزِلَ عَلَيْنا) يعنى التوراة (وَيَكْفُرُونَ بِما وَراءَهُ) يعنى سوى التوراة (وَهُوَ الْحَقُ) يعنى القرآن (مُصَدِّقاً) موافقا بالتوحيد (لِما مَعَهُمْ) من الكتاب ، قالوا : يا محمد آباؤنا كانوا مؤمنين ، قال الله تعالى : (قُلْ) يا محمد ، (فَلِمَ تَقْتُلُونَ) فلم قتلتم (أَنْبِياءَ اللهِ مِنْ قَبْلُ) أى من قبل هذا (إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٩١)) أى مصدقين مقالته (وَلَقَدْ جاءَكُمْ مُوسى بِالْبَيِّناتِ) بالأمر والنهى والعلامات (ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ) عبدتم العجل (مِنْ بَعْدِهِ) من بعد انطلاقه إلى الجبل (وَأَنْتُمْ ظالِمُونَ (٩٢)) كافرون.
__________________
(١) انظر : تفسير الطبرى (١ / ٣٣٠) ، وزاد المسير لابن الجوزى (١ / ١١٤) ، والقرطبى (٢ / ٢٨).