(ارْجِعُوا) يا إخوتى (إِلى أَبِيكُمْ فَقُولُوا يا أَبانا إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ) صواع الملك إناء من ذهب ، ويقال : أخذ بالسرقة إن قرأت بضم السين ، وخفض الراء بالتشديد (وَما شَهِدْنا إِلَّا بِما عَلِمْنا) رأينا أن السرقة أخرجت من رحله (وَما كُنَّا لِلْغَيْبِ حافِظِينَ (٨١)) يقول : لو علمنا الغيب ما ذهبنا به ، ويقال : ما كنا له بالليل حافظين (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ) أهل القرية (الَّتِي كُنَّا فِيها) وهى قرية من قرى مصر (وَالْعِيرَ) أهل العير (الَّتِي أَقْبَلْنا فِيها) جئنا معهم وكان صحبهم قوم من كنعان (وَإِنَّا لَصادِقُونَ (٨٢)) فيما قلنا لك ، فقالوا ليعقوب هذا القول (قالَ) يعقوب لهم (بَلْ سَوَّلَتْ) زينت (لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً) ففعلتموه (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ) فعلى صبر جميل بلا جزع (عَسَى اللهُ) لعل الله (أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعاً) بيوسف وأخيه من أبيه وأمه بنيامين ويهوذا (إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ) بمكانهم (الْحَكِيمُ (٨٣)) بردهم على (وَتَوَلَّى عَنْهُمْ) خرج من بينهم (وَقالَ يا أَسَفى) يا حزنا (عَلى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْناهُ مِنَ الْحُزْنِ) من البكاء (فَهُوَ كَظِيمٌ (٨٤)) مغموم يتردد حزنه فى جوفه (قالُوا) ولده وولد ولده (تَاللهِ) والله (تَفْتَؤُا) لا تزال (تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً) حتى تكون دنفا (أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهالِكِينَ (٨٥)) بالموت.
(قالَ) يعقوب (إِنَّما أَشْكُوا بَثِّي) أدفع غمى (وَحُزْنِي إِلَى اللهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ (٨٦)) يقول : أعلم أن رؤيا يوسف صادقة ، وإنا لنسجد له ، ويقال : أعلم من رحمة الله وجميل نظره وصنعه ما لا تعلمون ، ويقال : أعلم أن يوسف حى لم يمت ، لأنه دخل عليه ملك الموت ، فقال له : هل قبضت روح ابنى يوسف فيمن قبضت ، قال : لا فمن ذلك ، قال : (يا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ) فاستخبروا واطلبوا خبر يوسف وأخيه بنيامين (وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللهِ) من رحمة الله (إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللهِ) من رحمة الله (إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ (٨٧)) بالله وبرحمته (فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ) على يوسف فى المرة الثالثة (قالُوا يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنا) أصابنا (وَأَهْلَنَا الضُّرُّ) الجوع (وَجِئْنا بِبِضاعَةٍ مُزْجاةٍ) بدراهم لا تنفق فى الطعام وتنفق فيما بين الناس ، ويقال : بمتاع الجبل كالصنوبر والحبة الخضراء ، ويقال : بمتاع العرب ، مثل الأقط ، والصوف ، والجبن ، والسمن (١)(فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ) يقول : وفر لنا
__________________
(١) انظر : المجاز لأبى عبيدة (١ / ٣١٧) ، وغريب ابن قتيبة (٢٢٢).