(وَحُسْنُ مَآبٍ (٢٩)) المرجع فى الجنة (كَذلِكَ أَرْسَلْناكَ فِي أُمَّةٍ) يقول : هكذا أرسلناك إلى أمة (قَدْ خَلَتْ) مضت (مِنْ قَبْلِها أُمَمٌ لِتَتْلُوَا عَلَيْهِمُ) لتقرأ عليهم (الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ) أنزلنا إليك جبريل به يعنى القرآن (وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمنِ) يقولون ما نعرف الرحمن إلا مسيلمة الكذاب (قُلْ) الرحمن (هُوَ رَبِّي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ) اتكلت ووثقت (وَإِلَيْهِ مَتابِ (٣٠)) المرجع فى الآخرة ، ثم نزل فى شأن عبد الله بن أمية المخزومى وأصحابه لقولهم : اذهب عنا جبال مكة بقرآنك وانبع فيها العيون كما كان لداود عين الفطر بزعمك ، وائتنا بريح نركب عليها إلى الشام ، ونجىء عليها كما كانت لسليمان بزعمك ، وأحي موتانا كما أحيا عيسى ابن مريم بزعمك ، فقال الله : (وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً) غير قرآن محمد (صلىاللهعليهوسلم) (١).
(سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ) أذهبت به الجبال عن وجه الأرض (أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ) أى قصد به العبد (أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتى) أو أحيا به الموتى لكان بقرآن محمد (صلىاللهعليهوسلم) (بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعاً) بل الله يفعل ذلك جميعا إن شاء (أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا) أفلم يعلم الذين آمنوا بمحمد (صلىاللهعليهوسلم) ، والقرآن (أَنْ لَوْ يَشاءُ اللهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعاً) لأكرم الناس كلهم بدينه (وَلا يَزالُ الَّذِينَ كَفَرُوا) بالكتب والرسل ، يعنى كفار مكة (تُصِيبُهُمْ بِما صَنَعُوا) فى كفرهم (قارِعَةٌ) سرية ويقال : صاعقة (أَوْ تَحُلُّ قَرِيباً) أو تنزل مع أصحابك قريبا (مِنْ دارِهِمْ) من مدينتهم مكة بعسفان (حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللهِ) فتح مكة (إِنَّ اللهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعادَ (٣١)) فتح مكة.
(وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كانَ عِقابِ (٣٢) أَفَمَنْ هُوَ قائِمٌ عَلى كُلِّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ قُلْ سَمُّوهُمْ أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِما لا يَعْلَمُ فِي الْأَرْضِ أَمْ بِظاهِرٍ مِنَ الْقَوْلِ بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مَكْرُهُمْ وَصُدُّوا عَنِ السَّبِيلِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ (٣٣) لَهُمْ عَذابٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَشَقُّ وَما لَهُمْ مِنَ اللهِ مِنْ واقٍ (٣٤) مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ أُكُلُها دائِمٌ وَظِلُّها تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا وَعُقْبَى الْكافِرِينَ النَّارُ (٣٥) وَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَفْرَحُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمِنَ الْأَحْزابِ مَنْ يُنْكِرُ بَعْضَهُ قُلْ إِنَّما أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللهَ وَلا أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُوا وَإِلَيْهِ مَآبِ (٣٦) وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ حُكْماً عَرَبِيًّا وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ بَعْدَ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ما لَكَ مِنَ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا واقٍ (٣٧) وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنا
__________________
(١) انظر : تفسير الطبرى (١٣ / ١١٨) ، وزاد المسير (٤ / ٢٤١) ، وتفسير القرطبى (٩ / ٣٣٥).