ثم ذكر نطوس بن أسبيانوس الرومى ملك النصارى الذى خرّب بيت المقدس ، فقال : (وَمَنْ أَظْلَمُ) فى كفره (مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللهِ) خرّب بيت المقدس (أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ) لكيلا يذكر فيها اسمه بالتوحيد والأذان (وَسَعى) عمل (فِي خَرابِها) فى خراب بيت المقدس من إلقاء الجيف فيها ، فكان خرابا إلى زمان عمر بن الخطاب (أُولئِكَ) أى أهل الروم (ما كانَ لَهُمْ) أمن (أَنْ يَدْخُلُوها) يعنى بيت المقدس (إِلَّا خائِفِينَ) مستخفين من المؤمنين مخافة القتل لو علم به القتل (لَهُمْ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ) عذاب ، وخراب مدائنهم قسطنطينية وعمورية ورومية (وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ (١١٤)) شديد أشد مما لهم فى الدنيا.
ثم ذكر قبلته ، فقال : (وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ) قبلة لمن لا يعلم القبلة (فَأَيْنَما تُوَلُّوا) تحولوا وجوهكم فى الصلاة بالتحرى (فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ) فتلك الصلاة برضا الله ، نزلت فى نفر من أصحاب رسول الله (صلىاللهعليهوسلم) صلوا فى سفر إلى غير القبلة بالتحرى ، ويقال : لله المشرق والمغرب ، يقول الله لأهل المشرق والمغرب قبلة وهو الحرم ، (فاينما تولوا وجوهكم) فى الصلاة إلى الحرم (فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ) قبلة الله (إِنَّ اللهَ واسِعٌ) بالقبلة (عَلِيمٌ (١١٥)) بنياتهم.
ثم ذكر مقالة اليهود والنصارى : عزير ابن الله ، والمسيح ابن الله ، فقال : (وَقالُوا) يعنى اليهود والنصارى (اتَّخَذَ اللهُ وَلَداً) عزيرا ومسيحا ، (سُبْحانَهُ) نزه نفسه عن الشريك والولد (بَلْ) ليس كما قلتم ولكن (لَهُ) عبيدا (ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) من الخلق (كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ (١١٦)) مقرون له بالعبودية والتوحيد (بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) ابتدعهما ولم يكونا شيئا (وَإِذا قَضى أَمْراً) إذا أراد أن يخلق ولدا بلا أب مثل عيسى المسيح ، عليهالسلام ، (فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (١١٧)) ولدا بلا أب [أو] كان بلا أب وأم.
(وَقالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) توحيد الله يعنى اليهود (لَوْ لا يُكَلِّمُنَا اللهُ) معاينة (أَوْ تَأْتِينا آيَةٌ) علامة لنبوة محمد (صلىاللهعليهوسلم) لآمنا به (كَذلِكَ) هكذا (قالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) من آبائهم (مِثْلَ قَوْلِهِمْ) شبه قولهم (تَشابَهَتْ قُلُوبُهُمْ) استوت كلمتهم وتوافقت قلوبهم مع آبائهم (قَدْ بَيَّنَّا الْآياتِ) العلامات : الأمر والنهى ، والحلال والحرام وصفاتك فى التوراة (لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (١١٨)) يصدقون (إِنَّا أَرْسَلْناكَ) يا محمد (بِالْحَقِ) بالقرآن والتوحيد (بَشِيراً) بالجنة لمن آمن