ضرب مثل المؤمن والكافر ، فقال : (ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً عَبْداً مَمْلُوكاً) بين الله صفة عبد مملوك (لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ) من النفقة والإحسان وهو مثل الكافر لا يجىء منه خير (وَمَنْ رَزَقْناهُ) أعطيناه (مِنَّا رِزْقاً حَسَناً) مالا كثيرا (فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا) فيما بينه وبين الله (وَجَهْراً) فيما بينه وبين الناس فى سبيل الله ، وهذا مثل المؤمن المخلص (هَلْ يَسْتَوُونَ) فى الثواب والطاعة (الْحَمْدُ لِلَّهِ) الشكر لله والوحدانية لله (بَلْ أَكْثَرُهُمْ) كلهم (لا يَعْلَمُونَ (٧٥)) أمثال القرآن ، ويقال : نزلت هذه الآية فى عثمان بن عفان ، ورجل من العرب ، يقال له : أبو العيص بن أمية.
ثم ضرب مثله ومثل الأصنام ، فقال : (وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً) بين الله صفة (رَجُلَيْنِ أَحَدُهُما أَبْكَمُ) أخرس (لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ) من الكلام وهو الصنم (وَهُوَ كَلٌ) ثقل (عَلى مَوْلاهُ) على وليه وقرابته عيال على عائله (أَيْنَما يُوَجِّهْهُ) ويدعوه من شرق أو غرب (لا يَأْتِ بِخَيْرٍ) لا يجيب من يدعوه بخير وهذا مثل الصنم (هَلْ يَسْتَوِي) فى النفع ودفع الضر (هُوَ) يعنى الصنم (وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ) بالتوحيد (وَهُوَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (٧٦)) يدعو إلى طريق مستقيم وهو الله (وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) ما غاب عن العباد (وَما أَمْرُ السَّاعَةِ) أمر قيام الساعة فى السرعة (إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ) كطرف البصر (أَوْ هُوَ أَقْرَبُ) بل هو أقرب (إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ) من البعث وغيره (قَدِيرٌ (٧٧) وَاللهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً) من الأشياء ، ويقال : كل شىء (وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ) تسمعون بها الخير (وَالْأَبْصارَ) تبصرون بها الخير (وَالْأَفْئِدَةَ) يعنى القلوب تعقلون بها الخير (لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٧٨)) لكى تشكروا نعمته وتؤمنوا به (أَلَمْ يَرَوْا) ألم تنظروا يا أهل مكة حتى تعلموا قدرة الله ووحدانيته (إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّراتٍ) مذللات (فِي جَوِّ السَّماءِ) فى وسط السماء أى بين السماء والأرض يطرن (ما يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللهُ) بعد الطيران (إِنَّ فِي ذلِكَ) فى إمساكهن من الهواء (لَآياتٍ) لعلامات لوحدانية الله (لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٧٩)) يصدقون أن إمساكهن من الله.
ثم ذكر نعمته لكى يشكروا بذلك ويؤمنوا به ، فقال : (وَاللهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ) بيوت المدر (سَكَناً) مسكنا وقرارا (وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعامِ) من أصوافها وأوبارها وأشعارها (بُيُوتاً) يعنى الخيام والفساطيط (تَسْتَخِفُّونَها) تستخفون حملها (يَوْمَ ظَعْنِكُمْ) يوم سفركم (وَيَوْمَ إِقامَتِكُمْ) يوم نزولكم (وَمِنْ