آتَيْنا) من عجائبنا فكل ما رأى تلك الليلة كان من عجائب الله (إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ) لمقالة قريش (الْبَصِيرُ (١)) بهم وبسير عبده محمد (صلىاللهعليهوسلم) (وَآتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ) أعطينا موسى التوراة جملة واحدة (وَجَعَلْناهُ هُدىً لِبَنِي إِسْرائِيلَ) من الضلالة (أَلَّا تَتَّخِذُوا) ألا تعبدوا (مِنْ دُونِي وَكِيلاً (٢)) ربا (ذُرِّيَّةَ) يا ذرية (مَنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ) فى السفينة فى أصلاب الرجال وأرحام النساء (إِنَّهُ) يعنى نوحا (كانَ عَبْداً شَكُوراً (٣)) شاكرا إذا أكل أو شرب أو اكتسى ، قال : الحمد لله (وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ) بينا لبنى إسرائيل (فِي الْكِتابِ) فى التوراة (لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ) لتعصن فى الأرض (مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً (٤)) لتعتن عتوا كبيرا ، ويقال : لتقهرن قهرا شديدا.
(فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما) أول العذابين ، ويقال : أول الفسادين (بَعَثْنا) سلطنا (عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا) بختنصر وأصحاب ملك بابل (أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ) ذوى قتال شديد (١)(فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ) فقتلوكم وسط الديار فى الأزقة (٢)(وَكانَ وَعْداً مَفْعُولاً (٥)) مقدورا كائنا لئن فعلتم لأفعلن بكم ، فكانوا تسعين سنة فى العذاب أسرى فى يد بختنصر قبل أن ينصرهم الله بكورش الهمدانى (ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ) الدولة (عَلَيْهِمْ) بظهور كورش الهمدانى على بختنصر ، ويقال : (ثُمَ) عطفنا عليكم العطفة بالدولة (وَأَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ) أعطيناكم أموالا وبنين (وَجَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً (٦)) رجالا وعددا (إِنْ أَحْسَنْتُمْ) وحدتم بالله (أَحْسَنْتُمْ) وحدتم (لِأَنْفُسِكُمْ) ثواب ذلك الجنة (وَإِنْ أَسَأْتُمْ) أشركتم بالله (فَلَها) فعليها عقوبة ذلك ، فكانوا فى النعيم والسرور ، وكثرة الرجال والعدد والغلبة على العدو مائتين وعشرين سنة قبل أن يسلط عليهم تطوس (فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ) آخر الفسادين وآخر العذابين (لِيَسُوؤُا) ليقبحوا (وُجُوهَكُمْ) بالقتل والسبى ، يعنى تطوس بن أسبيانوس الرومى (وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ) بيت المقدس (كَما دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ) بختنصر وأصحابه (وَلِيُتَبِّرُوا) يخربوا (ما عَلَوْا) ما ظهروا عليه (تَتْبِيراً (٧)) تخريبا.
(عَسى رَبُّكُمْ) لعل ربكم (أَنْ يَرْحَمَكُمْ) بعد ذلك (وَإِنْ عُدْتُمْ) إلى الفساد
__________________
(١) انظر : معانى القراءات للأزهرى (ص ٢٥٣ ، ٢٥٤).
(٢) انظر : تفسير ابن كثير (٥٣) ، وزاد المسير (٥ / ٢٩) ، والطبرى (١٥ / ٤٤).