تعقل الإبل والغنم كلام الراعى.
ثم ذكر تحليل الحرث والأنعام ، فقال جل جلاله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ) من حلال (ما رَزَقْناكُمْ) أعطيناكم من الحرث والأنعام (وَاشْكُرُوا لِلَّهِ) بذلك (إِنْ كُنْتُمْ) إذ كنتم (إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (١٧٢)) إذا أردت المؤمنين ، ويقال : إن كنتم تريدون بتحريمها عبادته فلا تحرموها فإن عبادة الله فى تحليلها إذا أردت الكفار.
ثم بين ما حرم عليهم ، فقال : (إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ) التى أمر الله بذبحها (وَالدَّمَ) الدم المسفوح (وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَما أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللهِ) ما ذبح لغير اسم الله عند الأصنام (فَمَنِ اضْطُرَّ) جهد إلى أكل الميتة (غَيْرَ باغٍ) غير خارجى ولا مستحل (وَلا عادٍ) يقول : ولا قاطع الطريق ولا معتقد لأكلها بغير الضرورة (فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ) فلا حرج عليه بأكل الميتة عند الضرورة شبعا ولا يتزود منها شيئا (إِنَّ اللهَ غَفُورٌ) بأكله فوق القول (رَحِيمٌ (١٧٣)) حين رخص له أكل الميتة.
(إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلَ اللهُ مِنَ الْكِتابِ) ما بيّن الله فى التوراة من صفة محمد ونعته (وَيَشْتَرُونَ بِهِ) بكتمانه (ثَمَناً قَلِيلاً) عرضا يسيرا ، أنزلت فى كعب بن الأشرف ، وحيى وجدى ابنى أخطب (أُولئِكَ ما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ) ما يدخلون فى بطونهم (إِلَّا النَّارَ) إلا الحرام ، ويقال : إلا ما يكون نارا فى قلوبهم يوم القيامة (وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ) بكلام طيب (وَلا يُزَكِّيهِمْ) لا يبرئهم من الذنوب ، ويقال : لا يثنى عليهم ثناء حسنا (وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (١٧٤)) وجيع يخلص وجعه إلى قلوبهم.
(أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى) الكفر بالإيمان (وَالْعَذابَ بِالْمَغْفِرَةِ) واليهودية بالإسلام ، ويقال : اختاروا ما يجزى به النار على ما يجزى به الجنة (فَما أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ (١٧٥)) فما الذى أجرأهم على النار ، ويقال : فما أعملهم بعمل أهل النار (ذلِكَ) العذاب (بِأَنَّ اللهَ نَزَّلَ الْكِتابَ) جبريل بالقرآن والتوراة (بِالْحَقِ) بتبيان الحق والباطل فكفروا به (وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتابِ) خالفوا ما فى الكتاب من صفة محمد ونعته وكتموا (لَفِي شِقاقٍ بَعِيدٍ (١٧٦)) فى خلاف بعيد عن الهدى.