بهم فى أرض قفرة ، فأصابهم حر وعطش شديد فطلبوا منه الماء (قالَ) لهم طالوت (إِنَّ اللهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ) مختبركم بنهر جار (فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ) من النهر (فَلَيْسَ مِنِّي) ليس معى على عدوى ولا يجاوزه (وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ) لم يشرب منه (فَإِنَّهُ مِنِّي) على عدوى ، ثم استثنى ، فقال : (إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ) وإن قرأت بنصب الغين أراد به غرفة واحدة ، فكانت تكفيهم تلك الغرفة لشربهم ودوابهم وحملهم (١)(فَشَرِبُوا مِنْهُ) فلما بلغوا إلى النهر وقعوا فى النهر وشربوا منه كيف شاءوا (إِلَّا قَلِيلاً مِنْهُمْ) ثلاث مائة وثلاثة عشر رجلا لم يشربوا إلا كما دلهم الله (فَلَمَّا جاوَزَهُ) يعنى النهر (هُوَ) يعنى طالوت (وَالَّذِينَ آمَنُوا) صدقوا (مَعَهُ قالُوا) فيما بينهم (لا طاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجالُوتَ وَجُنُودِهِ قالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ) يعلمون ويستيقنون (أَنَّهُمْ مُلاقُوا اللهِ) معاينو الله بعد الموت (كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ) جماعة قليلة من المؤمنين (غَلَبَتْ فِئَةً) جماعة (كَثِيرَةً) من الكافرين (بِإِذْنِ اللهِ) بنصر الله (وَاللهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (٢٤٩)) معين الصابرين فى الحرب بالنصرة.
(وَلَمَّا بَرَزُوا) تصافوا (لِجالُوتَ وَجُنُودِهِ قالُوا) يعنى هؤلاء المصدقين (رَبَّنا أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً) أى أكرمنا بالصبر (وَثَبِّتْ أَقْدامَنا) فى الحرب (وَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ (٢٥٠)) على جالوت وجنوده (فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللهِ) بنصرة الله (وَقَتَلَ داوُدُ) النبى ، عليهالسلام (جالُوتَ) الكافر (وَآتاهُ اللهُ الْمُلْكَ) أعطى الله داود ملك بنى إسرائيل (وَالْحِكْمَةَ) الفهم والنبوة (وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشاءُ) يعنى الدروع (وَلَوْ لا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ) كما دفع بداود شر جالوت عن بنى إسرائيل (لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ) يقول : لفسدت الأرض بأهلها يقول : دفع الله بالنبيين عن المؤمنين شرا أعدائهم وبالمجاهدين عن القاعدين عن الجهاد شر أعدائهم ولو لا ذلك لفسدت الأرض بأهلها (وَلكِنَّ اللهَ ذُو فَضْلٍ) ذو من (عَلَى الْعالَمِينَ (٢٥١)) بالدفع عنهم.
(تِلْكَ آياتُ اللهِ نَتْلُوها عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (٢٥٢) تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ وَآتَيْنا
__________________
(١) انظر : معانى القراءات للأزهرى (ص ٨١ ، ٨٢).