(وَآتَيْنا) أعطينا (عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّناتِ) الأمر والنهى والعجائب (وَأَيَّدْناهُ) قويناه وأعناه (بِرُوحِ الْقُدُسِ) بجبرائيل الطاهر (وَلَوْ شاءَ اللهُ مَا اقْتَتَلَ) ما اختلف (الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ) من بعد موسى وعيسى (مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ) بيان ما فى كتابهم نعت محمد وصفته (وَلكِنِ اخْتَلَفُوا) فى الدين (فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ) بكل كتاب ورسول (وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ) بالكتب والرسل (وَلَوْ شاءَ اللهُ مَا اقْتَتَلُوا) ما اختلفوا فى الدين (وَلكِنَّ اللهَ يَفْعَلُ ما يُرِيدُ (٢٥٣)) كما يريد بعباده.
ثم حثهم على الصدقة ، فقال : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناكُمْ) تصدقوا مما أعطيناكم من الأموال فى سبيل الله (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ) وهو يوم القيامة (لا بَيْعٌ فِيهِ) لا نداء فيه (وَلا خُلَّةٌ) ولا مخالة (وَلا شَفاعَةٌ) للكافرين (وَالْكافِرُونَ) بالله (هُمُ الظَّالِمُونَ (٢٥٤)) المشركون بالله.
ثم مدح نفسه جل جلاله ، فقال : (اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُ) الذى لا يموت (الْقَيُّومُ) القائم الذى لا بدء له (لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ) نعاس (وَلا نَوْمٌ) ثقل النوم فيشغله عن تدبيره وأمره (١)(لَهُ ما فِي السَّماواتِ) من الملائكة (وَما فِي الْأَرْضِ) من الخلق (مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ) من أهل السموات والأرض يوم القيامة (إِلَّا بِإِذْنِهِ) بأمره (يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ) بين أيدى الملائكة من أمر الآخرة لمن تكون الشفاعة (وَما خَلْفَهُمْ) من أمر الدنيا (وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِما شاءَ) يقول : لا تعلم الملائكة شيئا من أمر الدنيا والآخرة إلا ما علمهم الله (وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) يقول : كرسيه أوسع من السموات والأرض (وَلا يَؤُدُهُ حِفْظُهُما) لا يثقل عليه حفظ العرش والكرسى بغير الملائكة ، وقيل : السموات والأرض (وَهُوَ الْعَلِيُ) أعلى من كل شىء (الْعَظِيمُ (٢٥٥)) أعظم من كل شىء.
(لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ) لا يكره أحد على التوحيد من أهل الكتاب والمجوس بعد إسلام العرب (قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِ) الإيمان من الكفر والحق من الباطل ، نزلت فى منذر بن ساوى التميمى (٢)(فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ) بأمر الشيطان وعبادة
__________________
(١) انظر فى سبب نزول الآية : العجاب (١ / ٦٠٨) ، وتفسير ابن كثير (١ / ٣٠٨ ، ٣٠٩).
(٢) انظر : أبو داود (٣ / ٥٨) ، (٢٦٨٢) ، والنسائى فى تفسيره (ص ٢٥) ، (٦٨ ، ٦٦) ، والعجاب (١ / ٦٠٩) ، وتفسير الطبرى (٣ / ١٠) ، والناسخ والمنسوخ للنحاس (ص ٧٩) ، والإيضاح لمكى