فقال : (إِنْ تُبْدُوا) إن تظهروا (الصَّدَقاتِ) الواجبة (فَنِعِمَّا هِيَ) فنعم شيئا هى (وَإِنْ تُخْفُوها) تسروها يعنى التطوع (وَتُؤْتُوهَا) تعطوها (الْفُقَراءَ) أصحاب الصفة (فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ) من العلانية ، وكلاهما مقبول منكم (وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئاتِكُمْ) ذنوبكم بقدر صدقاتكم (وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ) تعطون من الصدقة (خَبِيرٌ (٢٧١)) ثم رخص الصدقة على فقراء أهل الكتاب والمشركين لقولهم : أيجوز لنا يا رسول الله ، أن نصدق على ذى قرابتنا من غير أهل ديننا ، سألت عن ذلك أسماء بنت أبى بكر ، ويقال : بنت أبى النضر ، فقال الله لنبيه : (لَيْسَ عَلَيْكَ هُداهُمْ) فى الدين هدى فقراء أهل الكتاب معناه التعريف (وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ) لدينه (وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ) من مال على الفقراء (فَلِأَنْفُسِكُمْ) ثواب ذلك (وَما تُنْفِقُونَ) على الفقراء فلا تنفقوا (إِلَّا ابْتِغاءَ وَجْهِ اللهِ) طلب مرضاة الله (وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ) من مال على فقراء أصحاب الصفة (يُوَفَّ إِلَيْكُمْ) يوفر لكم ثواب ذلك فى الآخرة (وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ (٢٧٢)) لا ينقص من حسناتكم ولا يزاد على سيئاتكم.
(لِلْفُقَراءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا) يقول : إنما الصدقات للفقراء الذين حبسوا أنفسهم (فِي سَبِيلِ اللهِ) فى طاعة الله فى مسجد الرسول ، وهم أصحاب الصفة (لا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً) سيرا (فِي الْأَرْضِ) بالتجارة (يَحْسَبُهُمُ الْجاهِلُ) من لا يعرفهم (أَغْنِياءَ مِنَ التَّعَفُّفِ) من التجمل (تَعْرِفُهُمْ) يا محمد (بِسِيماهُمْ) بحليتهم (لا يَسْئَلُونَ النَّاسَ إِلْحافاً) يقول : إلحاحا ولا غير إلحاح (وَما تُنْفِقُوا) على فقراء أصحاب الصفة (مِنْ خَيْرٍ) من مال (فَإِنَّ اللهَ بِهِ) بالمال وبنياتكم (عَلِيمٌ (٢٧٣) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ) فى الصدقة (بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ سِرًّا) فى السر (وَعَلانِيَةً) فى العلانية (فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ) ثوابهم (عِنْدَ رَبِّهِمْ) فى الجنة (وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ) بالدوام (وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (٢٧٤)) إذا حزن غيرهم ، نزلت هذه الآية فى على بن أبى طالب.
ثم ذكر عقوبة آكل ربا (١) ، فقال : (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا) استحلالا (لا يَقُومُونَ) من قبورهم يوم القيامة (إِلَّا كَما يَقُومُ) فى الدنيا (الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ)
__________________
(١) انظر : الواحدى (ص ٨٢) ، والعجاب للحافظ (١ / ٦٢٧) ، وابن كثير فى تفسيره (١ / ٣٢٣).