عن عمد (ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً) أي : ينسبه إلى من لم يعمله كما فعل طعمة باليهودي (فَقَدِ احْتَمَلَ) أي : تحمل (بُهْتاناً) أي : خطر كذب ببهت المرمي به (وَإِثْماً) أي : ذنبا كبيرا (مُبِيناً) أي : بينا يكسبه بسبب رمي البريء.
(وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ) يا محمد (وَرَحْمَتُهُ) بالعصمة (لَهَمَّتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ) أي : من قوم طعمة أي : هما مؤثرا عندك (أَنْ يُضِلُّوكَ) أي : عن القضاء بالحق مع علمهم بالحال بتلبيسهم عليك فلا ينافي ذلك أنهم قد هموا بذلك ؛ لأنّ الهم المؤثر لم يوجد (وَما يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ) إذ وبال ذلك عليهم (وَما يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ) فإنّ الله عصمك وما خطر ببالك كان اعتمادا منك على ظاهر الأمر لا ميلا في الحكم.
تنبيه : (من شيء) في موضع نصب على المصدر أي : شيئا من الضر فمن مزيدة (وَأَنْزَلَ اللهُ عَلَيْكَ الْكِتابَ) أي : القرآن (وَالْحِكْمَةَ) أي : السنة فإنها ليست قرآنا يتلى وفسرت أيضا بأنها علم الشرائع وكل كلام وافق الحق (وَعَلَّمَكَ ما لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ) أي : من المشكلات وغيرها غيبا وشهادة من أحوال الدين والدنيا (وَكانَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ عَظِيماً) أي : بهذا وبغيره من أمور لا تدخل تحت الحصر ، وفي هذا دليل على أن العلم من أشرف الفضائل.
(لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً (١١٤) وَمَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ ما تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَساءَتْ مَصِيراً (١١٥) إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيداً (١١٦) إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلاَّ إِناثاً وَإِنْ يَدْعُونَ إِلاَّ شَيْطاناً مَرِيداً (١١٧) لَعَنَهُ اللهُ وَقالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبادِكَ نَصِيباً مَفْرُوضاً (١١٨) وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذانَ الْأَنْعامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْراناً مُبِيناً (١١٩) يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَما يَعِدُهُمُ الشَّيْطانُ إِلاَّ غُرُوراً (١٢٠) أُولئِكَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَلا يَجِدُونَ عَنْها مَحِيصاً (١٢١) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً وَعْدَ اللهِ حَقًّا وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللهِ قِيلاً (١٢٢) لَيْسَ بِأَمانِيِّكُمْ وَلا أَمانِيِّ أَهْلِ الْكِتابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ وَلا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً (١٢٣) وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيراً (١٢٤) وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَاتَّخَذَ اللهُ إِبْراهِيمَ خَلِيلاً (١٢٥) وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَكانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطاً (١٢٦) وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّساءِ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَما يُتْلى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ فِي يَتامَى النِّساءِ اللاَّتِي لا تُؤْتُونَهُنَّ ما كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدانِ وَأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتامى بِالْقِسْطِ وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللهَ كانَ بِهِ عَلِيماً (١٢٧))
(لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ) أي : الناس قوم طعمة فإنهم ناجوا النبيّ صلىاللهعليهوسلم في الدفع عنه وكذا غيرهم (إِلَّا) نجوى (مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ) واجبة أو مندوبة (أَوْ مَعْرُوفٍ) أي : عمل بر ، وقيل : المراد بالصدقة الواجبة ، وبالمعروف صدقة التطوّع (أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ) وسواء إصلاح ذات البين وغيرهم قال صلىاللهعليهوسلم «كلام ابن آدم كله عليه لا له إلا ما كان من أمر بمعروف أو نهي عن منكر أو