وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ (٢٤) قالَ فِيها تَحْيَوْنَ وَفِيها تَمُوتُونَ وَمِنْها تُخْرَجُونَ (٢٥) يا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنا عَلَيْكُمْ لِباساً يُوارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً وَلِباسُ التَّقْوى ذلِكَ خَيْرٌ ذلِكَ مِنْ آياتِ اللهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (٢٦) يا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطانُ كَما أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُما لِباسَهُما لِيُرِيَهُما سَوْآتِهِما إِنَّهُ يَراكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ (٢٧) وَإِذا فَعَلُوا فاحِشَةً قالُوا وَجَدْنا عَلَيْها آباءَنا وَاللهُ أَمَرَنا بِها قُلْ إِنَّ اللهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ (٢٨) قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ (٢٩) فَرِيقاً هَدى وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ اللهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ (٣٠) يا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (٣١) قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا خالِصَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (٣٢) قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ (٣٣) وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ (٣٤) يا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آياتِي فَمَنِ اتَّقى وَأَصْلَحَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (٣٥) وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْها أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (٣٦) فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآياتِهِ أُولئِكَ يَنالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتابِ حَتَّى إِذا جاءَتْهُمْ رُسُلُنا يَتَوَفَّوْنَهُمْ قالُوا أَيْنَ ما كُنْتُمْ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ قالُوا ضَلُّوا عَنَّا وَشَهِدُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كانُوا كافِرِينَ (٣٧))
(قالا رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا) أي : ضررناها بمخالفة أمرك وطاعة عدوّنا وعدوك فإن لم تتب علينا نستمر عاصين (وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا) أي : تمحو ما عملنا عينا وأثرا (وَتَرْحَمْنا) أي : فتعلي درجاتنا (لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ) في الأرض فأعربت الآية أنهما فزعا إلى الإنصاف وبالاعتراف بذنبهما وإن كان إنما هو خلاف الأولى لأنه بطريق النسيان كما في سورة طه قال قتادة : قال آدم أرأيت إن تبت إليك واستغفرتك؟ قال : أدخلك الجنة ، وأمّا إبليس فلم يسأل التوبة وسأل النظرة فأعطى كل واحد منهما ما سأله ، وقال الضحاك في قوله تعالى : (قالا رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا) قال : هي الكلمات التي تلقاها آدم من ربه تعالى : وقد استدل من يرى صدور الذنب من الأنبياء عليهم الصلاة والسّلام بهذه الآية ، ورد بأن درجة الأنبياء في الرفعة والعلو والمعرفة بالله تعالى في أعلى الدرجات ولكن يؤاخذون بما لم يؤاخذ به غيرهم وإنهم ربما عوتبوا بأمور صدرت منهم على سبيل التأويل فهم بسبب ذلك خائفون وجلون وهي ذنوب بالإضافة إلى علو منصبهم ومعاصي بالنسبة إلى كمال طاعتهم لا أنها ذنوب كذنوب غيرهم ومعاص كمعاصي غيرهم فكان ما صدر منهم مع طهارتهم ونزاهتهم وعمارة بواطنهم بالوحي السماوي والذكر القدسي وعمارة ظواهرهم بالعمل الصالح والخشية لله تعالى ذنوب بالنسبة إلى أحوالهم فقالا ذلك على عادة المقرّبين في استعظام الصغير من السيئات وتحقير العظيم من الحسنات وقد تقدّم الكلام على ذلك في سورة البقرة ومن جملة ذلك أن آدم إنما أكل من الشجرة قبل النبوّة.
(قالَ) الله تعالى (اهْبِطُوا) أي : آدم وحواء بما اشتملتما عليه من ذرّيتكما ويدل لذلك قوله تعالى في سورة طه : (اهْبِطا) [طه ، ١٢٣] بضمير التثنية (بَعْضُكُمْ) أي : بعض الذرّية (لِبَعْضٍ عَدُوٌّ) أي : من ظلم بعضهم بعضا ، وقيل : يعود الضمير لآدم وحواء وإبليس ، وقيل : لآدم