والرقيق على النصف مما ذكر ، ولا رجم عليه لأنه لا يتنصف.
واعلم أن الزنا من الكبائر ، ويدل عليه أمور : أحدها : أن الله تعالى قرنه بالشرك وقتل النفس في قوله تعالى : (وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً) [الفرقان ، ٦٨] ، ثانيها : قوله تعالى : (وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَساءَ سَبِيلاً) [الإسراء ، ٣٢] ، ثالثها : أن الله تعالى أوجب المائة فيه بكمالها بخلاف حد القذف وشرب الخمر وشرّع فيه الرجم ، وروى حذيفة عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «يا معشر الناس اتقوا الزنا فإن فيه ست خصال : ثلاث في الدنيا وثلاث في الآخرة ، أما اللاتي في الدنيا فيذهب البهاء ويورث الفقر ، وينقص العمر ، وأما اللاتي في الآخرة فسخط الله سبحانه وتعالى وسوء الحساب وعذاب النار» (١) ، وعن عبد الله قال : «قلت : يا رسول الله أي الذنب أعظم عند الله؟ قال : أن تجعل لله ندا وهو خلقك ، قلت : ثم أي؟ قال : أن تقتل ولدك خشية أن يأكل معك ، قلت : ثم أي؟ قال : أن تزني بحليلة جارك» فأنزل الله تعالى تصديقا لذلك : (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ)(٢) [الفرقان ، ٦٧] والزنا إيلاج حشفة أو قدرها من مقطوعها من الذكر المتصل الأصلي من الآدمي الواضح ولو أشل وغير منتشر ، وكان ملفوفا في خرقة بقبل محرم في نفس الأمر لعينه خال عن الشبهة المسقطة للحدّ مشتهى طبعا بأن كان فرج آدمي حيّ ولا يشترط إزالة البكارة حتى لو كانت غوراء وأدخل الحشفة فيها ، ولم يزل بكارتها ترتب عليه حد الزنا بخلاف التحليل لا بدّ فيه من إزالة البكارة لقوله صلىاللهعليهوسلم : «حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك» (٣) ، واختلف في اللواط هل يطلق عليه اسم الزنا أو لا؟ فقال بعضهم : يطلق عليه لقوله صلىاللهعليهوسلم : «إذا أتى الرجل الرجل فهما زانيان» (٤) ، والذي عليه أكثر أصحابنا أنه غير داخل تحت اسم الزنا لأنه لو حلف لا يزني فلاط لم يحنث ، والحديث محمول على الإثم بدليل قوله صلىاللهعليهوسلم : «إذا أتت المرأة المرأة فهما زانيتان» (٥) ، وللشافعي في حده قولان ؛ أصحهما أن الفاعل إن كان محصنا فإنه يرجم ، وإلا فيجلد مائة ويغرب عاما ، وأما المفعول فلا يتصور فيه إحصان فيجلد ويغرب ، والقول الثاني : يقتل الفاعل والمفعول به سواء كان محصنا أم لا لما روي عن ابن عباس أنه قال : من عمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به.
وأما إتيان البهائم فحرام بإجماع الأئمة ، واختلف في عقوبته على أقوال : أحدها : حد الزنا فيرجم الفاعل المحصن ويجلد غيره ويغرب ، والثاني : أنه يقتل محصنا كان أو غير محصن لما روي عن ابن عباس أنه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «من أتى بهيمة فاقتلوه واقتلوها معه» (٦) ،
__________________
(١) أخرجه القرطبي في تفسيره ١٢ / ١٦٧ ، والعجلوني في كشف الخفاء ١ / ٥٣٣ ، والمتقي الهندي في كنز العمال ١٣٠٢٢.
(٢) أخرجه البخاري في تفسير القرآن حديث ٤٧٦١ ، والترمذي في التحريم حديث ٤٠١٥.
(٣) أخرجه البخاري في الشهادات حديث ٢٦٣٩ ، ومسلم في النكاح حديث ١٤٣٣ ، والترمذي في النكاح حديث ١١١٨.
(٤) أخرجه ابن حجر في تلخيص الحبير ٤ / ٥٥ ، والذهبي في ميزان الاعتدال ٧٨٥١ ، وابن حجر في لسان الميزان ٥ / ٨٦٦ ، والمتقي الهندي في كنز العمال ١٣١٠٣.
(٥) هو جزء من الحديث السابق ، انظر الحاشية السابقة.
(٦) أخرجه أبو داود في الحدود حديث ٤٤٦٤ ، والترمذي في الحدود حديث ١٤٥٥ ، وابن ماجه في الحدود حديث ٢٥٦٤.