النظرة فإن لك الأولى وليست لك الثانية» (١) أخرجه أبو داود والترمذي ، وعن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل ، ولا المرأة إلى عورة المرأة ، ولا يفضي الرجل إلى الرجل في ثوب واحد ، ولا تفضي المرأة إلى المرأة في ثوب واحد» (٢)(ذلِكَ) أي : غض البصر وحفظ الفرج (أَزْكى) أي : خير (لَهُمْ) لما فيه من البعد عن الريبة ، سئل الشيخ الشبلي رحمهالله تعالى عن قوله تعالى : (يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ ،) فقال : أبصار الرؤوس عن المحرمات وأبصار القلوب عن المحرمات ، ثم أخبر سبحانه وتعالى بأنه خبير بأحوالهم وأفعالهم بقوله تعالى : (إِنَّ اللهَ) أي : الملك الذي لا يخفى عليه شيء (خَبِيرٌ بِما يَصْنَعُونَ) بسائر حواسهم وجوارحهم ، فعليهم إذا عرفوا ذلك أن يكونوا منه على تقوى وحذر في كل حركة وسكون.
(وَقُلْ لِلْمُؤْمِناتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ ما ظَهَرَ مِنْها وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبائِهِنَّ أَوْ آباءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنائِهِنَّ أَوْ أَبْناءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَواتِهِنَّ أَوْ نِسائِهِنَّ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلى عَوْراتِ النِّساءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ ما يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٣١) وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ وَإِمائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ (٣٢) وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً وَآتُوهُمْ مِنْ مالِ اللهِ الَّذِي آتاكُمْ وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللهَ مِنْ بَعْدِ إِكْراهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٣٣))
(وَقُلْ لِلْمُؤْمِناتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصارِهِنَ) عما لا يحل لهن نظره (وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَ) عما لا يحل لهن فعله بها ، روي عن أم سلمة رضي الله تعالى عنها أنها قالت : «كنت عند رسول الله صلىاللهعليهوسلم وعنده ميمونة بنت الحارث إذ أقبل ابن أم مكتوم ، فدخل عليه وذلك بعدما أمرنا بالحجاب فقال صلىاللهعليهوسلم : احتجبا منه فقلت : يا رسول الله أليس هو أعمى؟ فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : أفعميا وان أنتما ألستما تبصرانه» (٣) ، وقوله تعالى : (وَلا يُبْدِينَ) أي : يظهرن (زِينَتَهُنَ) أي : لغير محرم ، والزينة خفية وظاهرة ، فالخفية مثل الخلخال والخضاب في الرجل ، والسوار في المعصم ، والقرط في الأذن والقلائد في العنق ، فلا يجوز للمرأة إظهارها ، ولا يجوز للأجنبي النظر إليها ، والمراد من الزينة مواضعها من البدن ، وذكر الزينة للمبالغة في الأمر بالصون والستر ؛ لأن هذه الزينة واقعة على مواضع من الجسد لا يحل النظر إليها (إِلَّا ما ظَهَرَ مِنْها) أي : من الزينة الظاهرة ، واختلف أهل العلم في هذه الزينة التي استثناها الله تعالى فقال سعيد بن جبير وجماعة : هي الوجه والكفان ،
__________________
(١) أخرجه أبو داود في النكاح حديث ٢١٤٩ ، والترمذي في الأدب حديث ٢٧٧٧.
(٢) أخرجه مسلم في الحيض حديث ٣٣٨ ، وأبو داود في الحمام حديث ٤٠١٨ ، والترمذي في الأدب حديث ٢٧٩٣.
(٣) أخرجه أبو داود في اللباس حديث ٤١١٢ ، والترمذي في الأدب حديث ٢٧٧٨.