بولده والمولود بوالده ، ويؤمر بفقراء المسلمين إلى الجنة فيحبسون فيقولون : تحبسونا ما كان لنا أموال وما كنا أمراء ، وعن أبي أمامة الباهلي أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم وقربة إلى ربكم وتكفير للسيئات ومنهاة عن الآثام ومطردة للداء» (١).
وعن ابن مسعود أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «عجب ربنا من رجلين : رجل ثار عن وطائه ولحافه بين حبه وأهله إلى صلاته رغبة فيما عندي وشفقا مما عندي ، ورجل غزا في سبيل الله فانهزم مع أصحابه فعلم ما عليه من الانهزام وما عليه في الرجوع فرجع حتى هريق دمه» (٢) وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «كان يقوم الليل حتى تنفطر قدماه فقلت : لم تصنع هذا يا رسول الله وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر قال : أفلا أكون عبدا شكورا» (٣) وعن علي أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «إن في الجنة غرفا يرى ظاهرها من باطنها ، وباطنها من ظاهرها أعدّها الله لمن ألان الكلام ، وأطعم الطعام وتابع الصيام وصلى بالليل والناس نيام» (٤).
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن ربيعة الخرشي قال : يجمع الله الخلائق يوم القيامة في صعيد واحد فيكونون ما شاء الله أن يكونوا ، ثم ينادي مناد : سيعلم أهل الجمع لمن يكون العز اليوم والكرم ، ليقم الذين تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا فيقومون وفيهم قلة ، ثم يلبث ما شاء الله أن يلبث ، ثم يعود فينادي المنادي : سيعلم أهل الجمع لمن العز اليوم والكرم ليقم الذين لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله فيقومون وهم أكثر من الأولين ثم يلبث ما شاء الله أن يلبث ثم يعود فينادي المنادي : سيعلم أهل الجمع لمن العز اليوم والكرم ، ليقم الحامدون على كل حال فيقومون وهم أكثر من الأولين ، وأخرج ابن جرير عن ابن عباس (تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ) يقول : تتجافى لذكر الله إما في الصلاة وإما في قيام أو قعود أو على جنوبهم لا يزالون يذكرون الله.
ولما كان هجران المضجع قد يكون لغير العبادة بين أنه لها بقوله تعالى : مبينا لحالهم (يَدْعُونَ) أي : داعين (رَبَّهُمْ) الذي عوّدهم بإحسانه ثم علله بقوله تعالى : (خَوْفاً) أي : من سخطه وعقابه ، فإن أسباب الخوف من نقائصهم كثيرة سواء أعرفوا سببا يوجب خوفا أو لا لأنهم لا يأمنون مكر الله لأنه يفعل ما يشاء (وَطَمَعاً) في رضاه الموجب لثوابه ، وقال ابن عباس : خوفا من النار وطمعا في الجنة وعبر به دون الرجاء إشارة إلى أنهم لشدة معرفتهم بنقائصهم لا يعدون أعمالهم شيئا بل يطلبون فضله بغير سبب وإن كانوا مجتهدين في طاعته.
ولما كانت العبادة تقطع غالبا عن التوسع في الدنيا بما دعت نفس العابد إلى التمسك بما في يده خوفا من نقص العبادة عند الحاجة ، وصفهم الله تعالى بقوله تعالى : (وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ) أي :
__________________
(١) أخرجه الترمذي في الدعوات حديث ٣٥٤٩ ، وابن خزيمة في صحيحه ٢ / ١٧٦ ، والحاكم في المستدرك ١ / ٤٥١.
(٢) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير ١٠ / ١٧٩ ، والبيهقي في السنن الكبرى ٩ / ١٦٤ ، وابن حبان في صحيحه ٢٥٥٧.
(٣) أخرجه البخاري في تفسير القرآن حديث ٤٨٣٧.
(٤) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى ٤ / ٣٠٠ ، والهيثمي في مجمع الزوائد ١٠ / ٤٢٠.