هو السبب» (١). والقول الثاني أنّ الله تعالى أمر رسوله صلىاللهعليهوسلم أن ينذر الجنّ ويدعوهم إلى الله تعالى ويقرأ عليهم القرآن فصرف الله تعالى إليه نفرا من الجنّ يستمعون منه القرآن وينذرون قومهم روي أن الجنّ كانوا يهودا لأنّ في الجنّ مللا كما في الإنس من اليهود والنصارى ، وعبدة الأوثان ، والمجوس وأطبق المحققون على أنّ الجن مكلفون سئل ابن عباس هل للجنّ ثواب قال نعم لهم ثواب وعليهم عقاب يلبثون في أبواب الجنة ويزدحمون على أبوابها. «وروى الطبراني عن ابن عباس أن أولئك الجنّ كانوا سبعة نفر من أهل نصيبين فجعلهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم رسلا إلى قومهم» (٢) «وعن زرّ ابن حبيش كانوا تسعة ، أحدهم زوبعة» (٣) «وعن قتادة ذكر لنا أنهم صرفوا إليه من نينوى» (٤) وروي في الحديث : «أنّ الجنّ ثلاثة أصناف صنف لهم أجنحة يطيرون في الهواء وصنف حيات وكلاب وصنف يحلون ويظعنون» (٥) واختلفت الروايات هل كان عبد الله بن مسعود مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم ليلة الجنّ أو لا؟ وروي عن أنس قال كنت عند النبيّ صلىاللهعليهوسلم وهو بظاهر المدينة ، إذ أقبل شيخ يتوكأ على عكازة فقال النبي صلىاللهعليهوسلم إنها لمشية جني ، ثم أتى فسلم على النبيّ صلىاللهعليهوسلم فقال صلىاللهعليهوسلم إنها لنغمة جنيّ فقال الشّيخ : أجل يا رسول الله. فقال له النبيّ صلىاللهعليهوسلم : من أيّ الجنّ أنت؟ فقال يا رسول الله ، أنا هام بن هيم بن لاقيس بن إبليس فقال له النبيّ صلىاللهعليهوسلم : لا أرى بينك وبين إبليس إلا أبوين. قال : أجل يا رسول الله ، قال : كم أتى عليك من العمر؟ قال : أكلت عمر الدنيا إلا القليل ، كنت حين قتل هابيل غلاما ابن أعوام ، فكنت أتشرف على الآكام ، وأصطاد الهام ، وأورّش بين الأنام. فقال النبيّ صلىاللهعليهوسلم بئس العمل. فقال : يا رسول الله ، دعني من العتب فإني ممن آمن مع نوح عليهالسلام وعاتبته في دعوته فبكى وأبكاني ، وقال : والله إني لمن النادمين ، وأعوذ بالله أن أكون من الجاهلين ولقيت هودا فعاتبته في دعوته فبكى وأبكاني ، وقال والله إني لمن النادمين ، وأعوذ بالله أن أكون من الجاهلين ولقيت إبراهيم ، وآمنت به ، وكنت بينه وبين الأرض إذ رمي به في المنجنيق ، وكنت معه في النار إذ ألقي فيها وكنت مع يوسف إذ ألقي في الجب ، فسبقته إلى قعره. ولقيت موسى بن عمران بالمكان الأثير. وكنت مع عيسى ابن مريم عليهماالسلام. فقال لي : إن لقيت محمدا فاقرأ عليهالسلام. قال أنس : فقال النبيّ صلىاللهعليهوسلم : وعليهالسلام وعليك يا هام ما حاجتك؟ قال : إنّ موسى علمني التوراة ، وإنّ عيسى علمني الإنجيل ، فعلّمني القرآن قال أنس : فعلمه النبيّ صلىاللهعليهوسلم سورة الواقعة وعم يتساءلون وإذا الشمس كوّرت وقل يا أيها الكافرون وسورة الإخلاص والمعّوذتين (٦). (فَلَمَّا قُضِيَ) أي : فرغ من قراءته (وَلَّوْا) أي : رجعوا (إِلى قَوْمِهِمْ)
__________________
(١) أخرجه بلفظ قريب منه البخاري في الأذان حديث ٧٧٣.
(٢) انظر الهيثمي في مجمع الزوائد ٧ / ١٠٦.
(٣) انظر القرطبي في تفسيره ١٦ / ٢١٣.
(٤) انظر الطبري في تفسيره ٢٦ / ٣١.
(٥) أخرجه الحاكم في المستدرك ٢ / ٤٥٦ ، والهيثمي في مجمع الزوائد ٨ / ١٣٦ ، وموارد الظمآن ٢٠٠٧ ، والزبيدي في إتحاف السادة المتقين ٧ / ٢٨٩ ، والتبريزي في مشكاة المصابيح ٤١٤٨ ، وأبو نعيم في حلية الأولياء ٥ / ١٣٧ ، وابن كثير في تفسيره ٦ / ٤٨٧ ، والقرطبي في تفسيره ١ / ٣١٨ ، والطبراني في المعجم الكبير ٢٢ / ٢١٤.
(٦) أخرجه ابن حبان في المجروحين ١ / ١٣٧ ، والعقيلي في الضعفاء ١ / ٩٨ ، والذهبي في ميزان الاعتدال ١ / ٣٣٨.