** (إِلَّا كَباسِطِ كَفَّيْهِ) : أعربت «كفيه» مضافا إليها لأن اسم الفاعل «باسط» غير منوّن الآخر ولو كان منوّنا لانتصبت كلمة «كفيه» مفعولا به منصوبا باسم الفاعل الذي يعمل عمل فعله المتعدي إلى مفعوله.
** (لِيَبْلُغَ فاهُ) : نصب «فاه» بالألف لأنه من الأسماء الخمسة ويرفع بالواو «فوه» ويجرّ بالياء «فيه» وهو بمعنى «فم» ومن معانيه : فم الطريق : أي أعلاه نحو : إنّ فوّهة الطريق واسعة أي فمه. لأن «فوهة» بضم الفاء مع تشديد الواو تعني : الفم. ولا يقال : فوهة ـ بفتح الفاء وتسكين الواو ونقول : خرجت الاطلاقة من فوّهة المدفع ـ بكسر الميم ـ وليس بفتح الميم لأنه على وزن اسم الآلة الذي يكسر أوّله ويفتح ما قبل آخره نحو : مدفع .. مبرد .. مقص. ملقط .. أما «المدفع» بفتح الميم وهو الخطأ الشائع فيعني : مجرى المياه ويجمع على مدافع أيضا أمّا «الفوّهة» فتجمع على «أفواه» على غير قياس .. قال الفارابيّ : الفم : أصله : فوه .. ولهذا يجمع على «أفواه» ويثنّى على لفظ الواحد فيقال : فمان .. وهو من غريب الألفاظ التي لم يطابق مفردها جمعها وإذا أضيف إلى الياء قيل : فمي وفيّ وإلى غير الياء أعرب بالحروف نحو فوه ـ فاه ـ فيه ـ ويقال : فاه الرجل يفوه بكذا فوها : بمعنى تلفظ به أي نطق به ويقال كلّمت صاحبي فاه إلى فيّ : بمعنى مشافها ومنه أيضا القول : المفوّه ـ اسم مفعول ـ أي المنطيق البليغ الكلام. ويقال في الدعاء لمن أجاد في الكلام : لا فضّ فوك. أي لا نثرت أسنانك ولا فرّقت ويقال : فضّ الله فاه أي فمه ـ بمعنى : نثر أسنانه .. والأصح : نثر أسنان فيه ـ فمه ـ ومثله لا يفضض الله فاك ـ فمك ـ بمعنى : أسنان فيك ـ فمك فحذف المفعول المضاف «أسنان» وأقيم المضاف إليه ـ فيك ـ مقامه. وهذا الدعاء ورد في قول رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ للنابغة الجعديّ عند إنشاده أمام الرسول الكريم ـ صلىاللهعليهوسلم ـ :
بلغنا السماء مجدنا وسناؤنا |
|
وإنّا لنرجو فوق ذلك مظهرا |
فعند ما أنشد النابغة الجعديّ هذا الشعر قال له : إلى أين يا أبا ليلى؟ قال : إلى الجنة بك يا رسول الله. فقال ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : لا يفضض الله فاك ـ فمك ـ فعاش مائة وعشرين سنة وكان إذا سقط له سنّ نبتت. وكانت أسنانه كالمبرد أو كالبرد.
** (إِلَّا كَباسِطِ كَفَّيْهِ) : اللفظة مثنّى «كفّ» يقال : أخذ الشيء بكفّه وكفّ عن الشيء ـ من باب قتل ـ بمعنى : تركه فالفعل يتعدى إلى المفعول ولا يتعدى. و «الكفّ» من الإنسان وغيره : لفظة مؤنثة .. قال ابن الأنباريّ : وزعم من لا يوثق به أنّ الكفّ مذكر ولا يعرف تذكيرها من يوثق بعلمه أمّا قولهم : كفّ مخضّب .. فعلى معنى «ساعد» وجمعها : كفوف وأكفّ. قال الأزهريّ : الكفّ : الراحة مع الأصابع .. سمّيت بذلك لأنها تكفّ الأذى عن البدن.
** (وَما دُعاءُ الْكافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ) : المعنى : وليس دعاء الكفار وعبادة آلهتهم أو وما دعاء الكافرين الأوثان إلّا في ضياع .. فحذف مفعول المصدر «دعاء» وهو «الأوثان».
** (وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ..) : هذا القول الكريم هو بداية الآية الكريمة الخامسة عشرة وجاء الفعل «يسجد» بالإفراد لأنه يعود على «من» من حيث اللفظ وورد الضمير «هم» في «ظلالهم» جمعا على معنى «من» لأن «من» مفردة لفظا مجموع معنى.
** (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُماتُ وَالنُّورُ) : في هذا القول الكريم الوارد في الآية الكريمة السادسة عشرة شبّه سبحانه الكافر الجاهل بالأعمى والمؤمن العالم المبصر بالبصير وشبه : الكفر والمعصية بالظلمات .. وعلى الضدّ شبّه الإيمان والطاعة بالنور.