هو الإخبار بشيء سار.. كما حذف مفعول «منذرين» للسبب نفسه وهو بمعنى : ومنذرين الكافرين بالعذاب لأن «الإنذار» هو الإخبار مع تخويف من العاقبة.
** (لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَ) : بمعنى ليبطلوا الحق بالباطل.. يقال : أدحض حجّته ـ يدحضها إدحاضا بمعنى : أبطلها فالفعل الرباعي «أدحض» يتعدى إلى المفعول والثلاثي «دحض» فعل لازم.. نحو دحضت الحجة ـ تدحض ـ دحضا : بمعنى : بطلت. والفعل من باب «نفع» أي دحضا ودحوضا.. لأنه من باب «خضع.. خضوعا ـ أيضا. وأدحضها الله : أي أبطلها.
** (بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلاً) : هذا القول الكريم هو آخر الآية الكريمة الثامنة والخمسين.. المعنى : بل لهم موعد هو يوم القيامة لن يجدوا من دونه منجى وملجأ.. يقال : وأل المؤمن إلى الله ـ يئل ـ وألا : بمعنى.. التجأ. وهو من باب «وعد» واسم الفاعل هو «وائل» وبه سمّي ومنه «وائل ابن حجر» وهو صحابيّ.. ووأل إلى الله : أي رجع وإلى الله الموئل أي المرجع.. الملجأ. و «الموعد» : مثل «الموعدة» و «الميعاد» جمعه : مواعيد.. ويقال : وعده ـ يعده ـ وعدا.. و «الوعد» يستعمل في الخير والشر. قال الفراء : يقال : وعدته خيرا ووعدته شرا فإذا أسقطوا الخير والشر قالوا في الخير : «الوعد» و «العدة» وفي الشر : «الإيعاد» و «الوعيد» فإن أدخلوا الباء في الشر جاءوا بالألف فقالوا : أوعده بالسجن ونحوه. ويقال : توعّدته : أي تهدّدته. وقيل : آفة المروءة خلف الموعد. وصف أحدهم صاحبا له فقال : يعد وعد من يخلف وينجز إنجاز من يحلف. و «الموعود» اسم مفعول يطلق أيضا على القيامة.. فاليوم الموعود : هو يوم القيامة. قال الشاعر :
يا دهر يا منجز إيعاده |
|
ومخلف المأمول من وعده |
وقال شاعر آخر :
فدع الوعيد فما وعيدك ضائري |
|
أطنين أجنحة الذباب يضير |
يقال : طنّ الذباب ـ يطنّ طنينا : أي صوّت. والفعل من باب «ضرب» وقيل في أمثال العرب : وعد بلا وفاء عداوة بلا سبب. ومواعيد «عرقوب» علم لكل ما لا يصحّ من المواعيد. قال كعب بن زهير :
كانت مواعيد عرقوب لها مثلا |
|
وما مواعيدها إلّا الأباطيل |
وقال ثعلب :
الله يعلم لو لا أنّني فرق |
|
من الأمير لعاتبت ابن نبراس |
في موعد قاله لي ثمّ أخلفني |
|
غدا غدا ضرب أخماس لأسداس |
يقال لمن يظهر شيئا ويريد غيره : ضرب أخماسا لأسداس. والأصل في هذا المثل أنّ الرجل إذا أراد سفرا بعيدا عوّد إبله أن تشرب خمسا ثم سدسا حتى إذا أخذت في السير صبرت عن الماء. ومعنى المثل : أظهر أخمسا لأجل أسداس : أي رقيّ إبله من الخمس إلى السّدس.. وهو يعني أنّه سعى في المكر والخديعة. وقيل : السّدس : هو أن تقطع الإبل عن الماء خمسة أيام ثم ترد في اليوم السادس.
** (وَتِلْكَ الْقُرى أَهْلَكْناهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا) : في هذا القول الكريم الوارد في الآية الكريمة التاسعة والخمسين حذف مفعول «ظلموا» اختصارا لأنه معلوم أي حين ظلموا أنفسهم بالكفر والمعاصي وجيء بواو الجماعة في «ظلموا» وضمير الغائبين المذكّرين «هم» في «أهلكناهم»