عيسى ، أو نعت لمصدر محذوف ، أي : قتلا يقينا. انتهى.
(بَلْ رَفَعَهُ اللهُ إِلَيْهِ وَكانَ اللهُ عَزِيزاً حَكِيماً)(١٥٨)
وقوله تعالى : (بَلْ رَفَعَهُ اللهُ إِلَيْهِ) : يعني : إلى سمائه وكرامته ، وعيسى ـ عليهالسلام ـ في السّماء ؛ على ما تضمّنه حديث الإسراء في ذكر ابني الخالة عيسى ويحيى ، ذكره البخاريّ في حديث (١) المعراج ، وذكره غيره ، وهو هنالك مقيم ؛ حتى ينزله الله تعالى لقتل الدّجّال ، وليملأ الأرض عدلا ويحيا فيها أربعين سنة ، ثم يموت ، كما يموت البشر.
(وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً)(١٥٩)
وقوله تعالى : (وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ) : اختلف في معنى الآية :
فقال ابن عباس (٢) وغيره : الضمير في (مَوْتِهِ) راجع إلى عيسى ، والمعنى : أنه لا يبقى من أهل الكتاب أحد ، إذا نزل عيسى إلى الأرض ، إلّا يؤمن بعيسى ؛ كما يؤمن سائر البشر ، وترجع الأديان كلّها واحدا ، يعني : يرجعون على دين نبيّنا محمّد صلىاللهعليهوسلم ؛ إذ عيسى واحد من أمته وعلى شريعته ، وأئمّتنا منّا كما ورد في الحديث الصّحيح.
وقال مجاهد وابن عباس أيضا وغيرهما : الضمير في (بِهِ) لعيسى ، وفي (مَوْتِهِ) للكتابيّ ، لكن عند المعاينة للموت فهو إيمان لا ينفعه (٣) ، وقال عكرمة : الضّمير في (بِهِ) لنبيّنا محمّد صلىاللهعليهوسلم و (قَبْلَ مَوْتِهِ) للكتابيّ (٤) قال : وليس يخرج يهوديّ ولا نصرانيّ من الدنيا حتّى يؤمن بمحمّد صلىاللهعليهوسلم ، ولو غرق أو سقط عليه جدار ، فإنه يؤمن في ذلك الوقت ، وفي مصحف أبيّ بن كعب : «قبل موتهم» ، ففي هذه القراءة تقوية لعود الضمير على الكتابيّ (٥).
قال ص : (وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ ...) الآية : «إن» : هنا نافية ، والمخبر عنه
__________________
(١) سيأتي تخريجه مفصلا في سورة الإسراء.
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٤ / ٣٥٦) برقم (١٠٧٩٩) ، وذكره ابن عطية في «تفسيره» (٢ / ١٣٤) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٢ / ١٥٩)
(٣) ذكره ابن عطية (٢ / ١٣٤)
(٤) ذكره ابن عطية (٢ / ١٣٤)
(٥) ذكره ابن عطية (٢ / ١٣٤)